يخنق حرية التعبير ويقيدها ويحول ملايين المغاربة إلى سجناء مع وقف التنفيذ.. تفاصيل مثيرة حول قانون تكميم أفواه المغاربة في مواقع التواصل الإجتماعي

28 أبريل 2020
يخنق حرية التعبير ويقيدها ويحول ملايين المغاربة إلى سجناء مع وقف التنفيذ.. تفاصيل مثيرة حول قانون تكميم أفواه المغاربة في مواقع التواصل الإجتماعي

بقلم: جمال اسطيفي*

منذ أن تم الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، لم يستأثر أي موضوع بالاهتمام غير فيروس كورونا، فمتابعة مستجداته وأرقام المصابين والمتعافين، والجهود المبذولة في المغرب وفي بقية دول العالم لتطويقه ظلت تتصدر المشهد، غير أن الصورة اختلفت ليلة أمس، بعد أن تداولت مواقع التواصل الاجتماعي بعض فصول مشروع قانون 20.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، وهو ما أثار غضبا واسعا، من بين مظاهره عرائض إلكترونية تطالب بعدم تمرير هذا القانون، لأنه يخنق حرية التعبير ويقيدها، ويزرع الخوف، ويحول ملايين المغاربة من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي إلى سجناء مع وقف التنفيذ، خصوصا أن الأمر يتعلق بمشروع قانون فضفاض، فصل على مقاسات محددة..

عدد من البرلمانيين المنتمين إلى أحزاب تشكل الأغلبية الحكومية، قالوا في ردودهم إنه لم يسبق لهم كبرلمانيين الاطلاع على هذا النص، وأنه لم يعرض على البرلمان بعد، وأن كل ما يعلمونه هو ما أورده بلاغ مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ 19 مارس الذي أكد المصادقة على النص الذي تم تدارسه بعد تقديمه من طرف وزير العدل، على أساس أن يتم الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة حوله من طرف اللجنة التقنية واللجنة الوزارية المشكلتين لهذا الغرض.

أما نزار خيرون مستشار رئيس الحكومة، فقد علق على الموضوع في تدوينة في حسابه على الفيسبوك بقوله:”

إن مشروع القانون المعني، لم يحل بعد على البرلمان، لأنه مايزال قيد الدراسة في لجنة تقنية شُكِّلت لهذا الغرض ولايزال قيد التطوير قبل أن يحال على لجنة وزارية للدراسة والاعتماد، وأن الصيغة التي نشرت، هي لمشروع أولي في البداية أصبح اليوم متجاوزًا، ونشرها في هذا الوقت بالذات ليس بريئا”، في الوقت الذي سار فيه مصطفى الرميد في نفس الاتجاه بقوله:” إن الصيغة النهائية للمشروع هي التي ستتم إحالتها على البرلمان، وهي التي يمكن مناقشتها وقبولها أو رفضها، أما ما يتم تداوله حاليا من مضامين، فقد سبق الاعتراض عليه من قبل بعض أعضاء الحكومة، لذلك فانها تبقى غير نهائية، ويبقى أي نقاش حول مواد بعينها سابق لأوانه”.

إن هناك اعترافا بأن الصيغة التي نشرت هي مشروع أولي، أي أن هناك عقلا داخل الحكومة يفكر بعقلية الكمامة ومحاصرة الرأي وتقويض حرية التعبير، أما ما ليس بريئا فعلا فهو التعتيم الذي كان مضروبا على مشروع القانون..

ثمة الكثير من الأسئلة الاستنكارية التي يمكن أن تطرح، ومن بينها: “لماذا لم يتم نشر مشروع القانون في الموقع الإلكتروني للأمانة العامة للحكومة؟ ولماذا لم يكن هناك أي نقاش عمومي بخصوص هذا الموضوع؟ ولماذا لم تتم استشارة مجموعة من الهيئات من نقابة وطنية للصحافة ومجلس وطني وفيدرالية للناشرين، ومجتمع مدني؟

ولماذا عرض هذا المشروع على أنظار المجلس الحكومي في وقت المغاربة منشغلون بمكافحة جائحة كورونا؟ وألم يبدأ هذا المشروع قبل سنوات حيث كلف به الوزير حفيظ العلمي، قبل أن يتم التراجع عنه، ثم يبعث من جديد في ظرفية استثنائية؟

وبما أن مشروع القانون جرم دعوات مقاطعة المنتوجات، فألا يمكن أن نقول إنه قانون رموز الليبرالية المتوحشة في المغرب، والتجار الذين انتقلوا إلى دائرة صناعة القرار السياسي!؟

عندما تم تعليق مشروع المدونة الرقمية قبل سبع سنوات إثر ضغط هائل في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي علل عبد الحفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي الأمر آنذاك بضرورة فتح نقاش وإشراك كل المتدخلين، علما أن المشروع في تلك الفترة كان قد نشر في موقع الأمانة العامة للحكومة، وهو الأمر الذي لم يتم هذه المرة، مما يكشف الكثير من الالتباسات، فلماذا لم يفتح هذا النقاش اليوم بعد أن انتقلت الكرة إلى ملعب وزير العدل..

إن الفصل 25 من الدستور المغربي يقول حرفيا “إن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها، وأن حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة”..

فهل من المقبول في زمن تدفق المعلومات والمنصات الرقمية العابرة للقارات، أن يتم تفصيل قوانين على المقاس، مناقضة لروح الدستور..

إن حرية التعبير لابد أن تكون مسؤولة وفي الزمن الحالي لابد أن تضمن للمواطن الحق في التعبير عن رأيه باستخدام مختلف وسائل الاتصالات، وخصوصا الرقمية..

لم يزح أي موضوع ملف كورونا عن واجهة النقاش، لكن مشروع قانون الكمامة فعلها، لأن الأمر مرتبط بحرية التعبير، وتلك إشارة دالة لابد أن يلتقطها من يهمهم الأمر..فالأيادي لا يمكن أن ترتعش، ومساحات الفضاء الرقمي من الصعب أن تضيق..

*جمال اسطيفي: صحافي مغربي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق