وزير سابق يرسم صورة سوداوية حول المغرب: نعيش تراجعات خطيرة في مجال الحريات

17 سبتمبر 2019
وزير سابق يرسم صورة سوداوية حول المغرب: نعيش تراجعات خطيرة في مجال الحريات

الصحافة _ وكالات

قال وزير مغربي سابق إن بلاده تعيش تراجعات خطيرة في مجال الحريات والتعبير والفنون، وهي المجالات التي تشكل روح التقدم، وكلها تتعرض لتراجعات خطيرة، وربما هي نقطة سوداء نعيشها منذ فترة.

وأوضح محمد الأشعري وزير الثقافة (بين 1998 و2007) في لقاء استضافته فيه وكالة “المغرب العربي” للأنباء، اليوم الثلاثاء، أنه “مع كل التشريعات المتقدمة التي يمكن أن تخلص القوانين المغربية من مقتضيات متخلفة لا تمت بصلة إلى الآفاق الدولية ولقانون التطور، والقضايا المتعلقة بالحريات الفردية، وبحق المرأة في امتلاك جسدها وفي التصرف فيه، وكل الأشياء المرتبطة بحرية المعتقد، يجب أن يكون فيها المغرب حاسما وأن لا يتحجج بمحافظة المجتمع وبرجعيته”، لأن “هذه الحجج تضع حرياتنا جميعا بين يدي الظلاميين عوض أن تضعها بين يدي الدولة والنخب المتنورة”.

وقال الأشعري إن الزمن السياسي في المغرب مرتبط بالجمود والضبابية والتكرار العقيم للتجارب والأساليب، فهناك شعور باللاجدوى وضعف الثقة والأمل في إمكانية تغيير الواقع. وأضاف: “هناك خيبة خطيرة في المغرب تتجلى بشكل خاص في نوع من الانطباع السائد بأن الآفاق السياسية مسدودة تماما، فنحن مقبلون على انتخابات عامة في أقل من سنتين، والأوضاع الحزبية هي نفسها، والقوانين الانتخابية لا تزال كما هي، ومركزية السلطة لا تزال كما هي، وحتى اليوم لا توجد في الساحة السياسية مشاريع تتواجه وتتصارع وتقترح على الناخبين المقبلين اختيارات متمايزة وحاملة لتطلعات الناس”.

وأكد الأشعري أن كل ما يروج الآن هو مجرد تكهنات بخصوص الوصفة السحرية التي ستنهي عهد الإسلاميين وتدشن العهد الجديد لحكومة رجال الأعمال، وهذا الوضع يؤجل مرة أخرى مشروع الانتقال الديمقراطي الدائم إلى أجل غير مسمى، والأخطر من ذلك فإنه يوحي بأن مشروع الانتقال قد انتهى وليس هناك مشروع، والبعض من اطمئنانه الساذج يزعم أننا في أحسن حال وأن الصيغة التي نحن فيها هي الصيغة النهائية.

وأوضح الأشعري أن المغرب وصل اليوم إلى “تكميم الصحافة بواسطة القضايا المخدومة، وأصبحت الساحة الصحافية اليوم تعج بضجيج الرداءة، والإعلام العمومي غرق في صيغته التي يبدو أنه لا شفاء منها”. وأكد أن خصائص الوضع السياسي وفشل الإصلاح هما عاملان مترابطان يعوقان مهام الصحافة اليومية، والجمود السياسي الذي نعيشه يعوق تطور الصحافة.

وتحدث الأشعري عن قضية الصحافية هاجر الريسوني المعتقلة بشبهة القيام بـ”الإجهاض”، وقال إن “أغرب ما قرأت حول القضية المؤلمة لهاجر الريسوني بتوقيع أديب مغربي معروف وهو الطاهر بنجلون أن الظلاميين يحتجزون مشروع الحداثة”. وأضاف: “والحال أن الظلاميين على الأقل في الصيغة المتعارف عليها دوليا ليسوا هم من بعثوا بالفريق الأمني الذي اعتقل هاجر الريسوني، والفيلق الرهيب الذي اعتقل من قبل (الصحافي) بوعشرين، والدولة التي تعتقل هي الدولة التي تحارب الظلاميين في تجلياتهم السياسية وفي خلاياهم النائمة”.

وأضاف أن “هناك من يدعي اليوم في بلادنا أن الحريات الفردية وحرية المعتقد وحرية الصحافة لا يعرقلها اليوم لا وضع سياسي جامد ولا تشريع متخلف، بل تمنعها رجعية المجتمع ومحافظته، في مقابلها دولة مستعدة وقابلة ومتفتحة، ولكنها لا تريد زراعة الفتنة بإجراءات جريئة وصادمة”. وأكمل: “كلما تعلق الأمر بحرية المرأة وحرية المعتقد وحرية التعبير إلا وتم إشهار هذا الادعاء في وجه مشروع التقدم، ولكن كيف تصبح المجتمعات أقل رجعية وأقل محافظة إذا لم تعمل الشجاعة السياسة على تنوريها بالمعرفة والحوار والتشريع الثوري الجريء؟”.

وقال الأشعري: “اليوم نعيش مناخا سلبيا، أنا لست من الناس الذين ينظرون بنظارات سوداء لكل شيء في مغرب اليوم، فصحيح هناك تراجعات، لكن أيضا هنا بؤر ضوء يمكن الاشتغال عليها لتطويرها في المستقبل”، وأكد أن حكومة الإسلاميين الأولى والثانية فشلت بالكامل في تطبيق دستور 2011، “وكأننا الآن لا نزال بالفعل في 2011 أو فيما قبلها، بحيث أننا لم نتقدم، وروح الدستور التي كانت متقدمة وتدعو إلى الفصل بين السلط، وتقوية سلطات الحكومة والبرلمان، لم تحصل. وفي المجال الاقتصادي أيضا وقعت تراجعات، نحاول التغطية عليها أحيانا بالمشاريع الكبرى، ولذلك وصلنا في نهاية الأمر أن الملك يتكلم عن أن النموذج التنموي لم يحقق النتائج المرجوة منه”.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق