هذه خلفيات سماح المغرب بعودة زوجات وأبناء الدواعش

22 نوفمبر 2019
هذه خلفيات سماح المغرب بعودة زوجات وأبناء الدواعش

الصحافة _ وكالات

بينما ترفض دول أوروبية استعادة مواطنيها من جبهات القتال في الشرق الأوسط، قرر المغرب مؤخرا السماح بعودة زوجات مقاتلي داعش وأبنائهم إلى المملكة من دون ملاحقات قضائية.

وقد أعلن مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية (مكتب مكافحة الإرهاب) في المغرب، عبد الحق الخيام، في وقت سابق “استراتيجية لإعادة النساء والأطفال المغاربة من بؤر التوتر”، مؤكدا أن النساء لم ينتقلن إلى الساحات المشتعلة بالشرق الأوسط “بنيّة القتال وإنما لمرافقة أزواجهن”.

ومن المقرر أن يسمح المغرب بعودة حوالي 700 امرأة وطفل من جنسية مغربية عالقين في سوريا، بينهم 391 قاصرا.

ترحيب حقوقي

ورحّب رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بن عيسى، بمبادرة المغرب، قائلا “منذ حوالي سنة ونصف ونحن نناضل من أجل إعادة هؤلاء النساء رفقة أطفالهن لأرض الوطن في إطار مبادرة إنسانية”، مضيفا أن هؤلاء “ضحايا الإرهاب وليسوا دعاة تطرف”.

وأضاف بن عيسى أن “أغلب النساء المغربيات أُجبرن على الذهاب إلى بؤر التوتر. لقد ذهبن كمرافقات لأزواجهن ولم ينخرطن في العنف، إذ اقتصرت أدوارهن على وظائف غير قتالية”.

وحسب أرقام سابقة لوزارة الداخلية المغربية، فإن عدد المقاتلين المغاربة في صفوف التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط تجاوز 1600 مقاتل، ضمنهم أكثر من 280 امرأة و330 طفلا.

وقال رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان إن “الأطفال أبرياء، ويجب التعامل معهم كضحايا. لا يوجد طفل يُخيّر بين حياة في بيئة محترمة لأب سويّ ويختار أباً متطرفاً في أشد المناطق عنفا في الشرق الأوسط. لقد حصلنا في المرصد في وقت سابق على معطيات تؤكد أن أغلب النساء المغربيات مستعدات للتنازل عن أبنائهن لصالح الدولة المغربية إذا ظل تعذر ترحيلهن”.

وأردف أن “القانون الدولي الإنساني يُجبر الدول على تحمل مسؤولية رعاياها، وهو شيء تحاول الدول الأوروبية التملص منه بسحب الجنسية من أشخاص مزدوجي الجنسية”.

وأكد بن عيسى أن السلطات المغربية أدركت أن “هؤلاء النساء والأطفال مغاربة أيضا ويجب استعادتهم من بؤر التوتر وتأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع”، مشيرا إلى أن “معظم النساء اللواتي التحقن بأزواجهم في سوريا ينحدرن من شمال المغرب، خاصة مدينتي تطوان وطنجة”.

وكان مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، قال لوسائل إعلام محلية، إن هناك “معاملة خاصة لأولئك النسوة لأنهن لسن إرهابيات، ولم ينتقلن إلى بؤر التوتر للجهاد”.

مخاوف أمنية

من جانب آخر، قال الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، إدريس الكنبوري، إن “التطورات الأخيرة التي أسفرت عن انهيار داعش ومقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، عجّلت بقرار المغرب السماح لزوجات الدواعش وأبنائهن بالعودة إلى المملكة من دون ملاحقات قضائية”.

وأضاف “تركيا أيضا تضغط على الدول لاستلام رعاياها، لكن لا يجب أن نغفل الجانب الإنساني لدى السلطات المغربية، والذي قد يكون وراء هذا القرار”.

لكن الكنبوري استدرك موضحا أن السلطات لن تسمح بعودة هؤلاء من دون إخضاعهم لبعض الإجراءات منها مراقبتهم، إذ “قد يشكل بعضهم خطرا على الأمن”، داعيا إلى “مرافقة هؤلاء الأطفال والنساء اجتماعيا ونفسيا حتى يندمجوا في المجتمع”.

وقال “الأطفال الذين تعلموا في مدارس داعش وعاينوا الدم والعنف وآباء مدججين بالأسلحة كل يوم، لا تتوقع منهم أن يكونوا أسوياء بسرعة. إنهم بحاجة إلى عناية اجتماعية ونفسية”.

واستبعد الكنبوري حصول متابعات قضائية لبعض النساء، قائلا إن “المغربيات اللواتي تولين مهمات في جبهات القتال قليلة جدا مقارنة بالعراقيات والسوريات، وبالتالي أستبعد حدوث اعتقالات”، مضيفا أن “هناك نساء التحقن بدعش تحت الضغط، وأخريات يتمنين حياة أفضل لأبنائهن بعد نهاية تلك المغامرة ومصرع أزواجهن”.

وقدرت أرقام وزارة الداخلية المغربية، في وقت سابق، عدد المقاتلين المغاربة الذين لقوا حتفهم في الصراعات المسلحة بالشرق الأوسط بما يزيد عن 550 شخصا.

وشرع المغرب، منذ مارس الماضي، في إعادة مقاتلين التحقوا ببؤر النزاع في كل من سوريا والعراق، إذ أعلنت وزارة الداخلية ترحيل أول مجموعة تضم ثمانية مغاربة و”إخضاعهم لأبحاث قضائية”.

ورحبت واشنطن بهذه الخطوة، داعية الدول الأوروبية إلى القيام بالإجراء نفسه.

ب

وفي السياق نفسه، اعتبر المحلل السياسي المغربي، عبد الرحيم العلام، أن هناك ثلاثة أسباب رئيسة وراء قرار المغرب السماح بعودة النساء وأبناء مقاتلي داعش.

وقال العلام إن السبب الأول هو “طلب الولايات المتحدة من الدول التكفل بمقاتليها المعتقلين في سورية، فهذه الخطوة لم يمكن للمغرب أن يتخذها من دون تنسيق مع الولايات المتحدة وباقي الدول الكبرى”.

وأضاف أن “السبب الثاني هو إنساني في العمق، فهؤلاء في الأخير مغاربة، والسماح بدخولهم رسالة سياسية أيضا، أما السبب الثالث فمرده رغبة الأجهزة المخابراتية المغربية الحصول على بنك من المعلومات عن تنظيم داعش وطريقة اشتغاله”.

وأشار العلام إلى أن “القانون الجنائي المغربي واضح، إذ يعاقب الأشخاص الذين التحقوا بالتنظيمات المتشددة في مناطق النزاع، فالقاعدة القانونية عامة ومجردة”.

وتابع “ربما قد تعرض هؤلاء النساء على المحاكم ثم يحصلن على العفو، إما أثناء المحاكمة أو بعدها، وإلا سيُتّهم المغرب بعدم احترام القانون”.

وقال العلام أيضا إن “المغرب لن يقبل بإعادة النساء اللواتي يحملن الجنسيات الأوروبية وأصولهن مغربية، مضيفا أن “المغرب ليس سجنا للهولنديين والألمان وغيرها من الجنسيات التي تحاول التملّص من التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان”.

وأشار إلى أن المغرب “اتُّهم في السابق بإيواء معتقلات سرية لأجهزة استخبارات غربية، لأن القوانين الغربية صارمة في مسألة التعذيب، واليوم لا يجب أن يتكرر هذا الأمر. المغرب مطالب باسترجاع أبنائه، وعلى الأوروبيين أن يتحملوا مسؤولية أولئك الذين منحوهم جنسياتهم”.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق