هجمات الذباب الإلكتروني الإماراتي ضد “مملكة محمد السادس”.. هكذا حققت نتائج عكسية!

30 مايو 2020
هجمات الذباب الإلكتروني الإماراتي ضد “مملكة محمد السادس”.. هكذا حققت نتائج عكسية!

الصحافة _ وكالات

بمجرد البحث في موقع تويتر عن كلمة المغرب أو اسم رئيس حكومتها سعد الدين العثماني، تتفاجأ بسيل من التغريدات المتشابهة من حسابات تشترك في انتقاد الرجل وتأييد حكام دولة الإمارات العربية المتحدة في نفس الوقت.

تتراوح الانتقادات الموجهة للعثماني بين الاتهام بالفساد وسوء التدبير خاصة خلال مواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا، وما بين اتهامات أخرى بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية تهدد أمن المغرب والمنطقة عموما.

كما ظهرت العديد من الحسابات الوهمية التي تدعي أنها مغربية، تروج لفكرة أن المغرب مفلس ويعاني من الجوع وشح الطعام ومقبل على الانهيار الاقتصادي وتتنبأ بأن هناك ثورة للجياع قادمة.

وأظهرت هذه الحملة كما يرى عدد من المتابعين “حربا تخوضها دولة الإمارات ضد المغرب” بسبب مواقف الرباط السياسية من ملفات عربية، أبرزها حصار قطر وحربي اليمن وليبيا.

‎ويبدو أن هجمات “الذباب الإلكتروني الإماراتي” على المغرب تعكس مستويات غير مسبوقة من الصراع بين البلدين نتيجة الاستقلالية العلنية التي تتبناها الرباط عن القرار السياسي السعودي-الإماراتي، وهو ما قد يعرضه إلى مزيد من المؤامرات من قبل هذه الأنظمة التي اختارت سياسة تعكير الأجواء في أكثر من دولة عربية.

حرب على الإسلاميين

يعيش المغرب منذ العام 2011، حالة من الاستقرار تعززت في ظل انفتاح سياسي سمح بوصول أحزاب معارضة للمشاركة في الحكم بعد تعديل الدستور المغربي الذي منح صلاحيات أكبر للبرلمان.

وكان أبرز المستفيدين من هذه الإصلاحات التي تلت تحركات شعبية مطالبة بالإصلاح تزامنت مع الموجة الأولى لثورات الربيع العربي في العام 2011، حزب العدالة والتنمية الذي فاز في جميع الانتخابات التي جاءت بعد ذلك.

هذه النتائج والاستقرار السياسي يبدو أنه لم يرق لدولة الإمارات وذبابها الإلكتروني، الذي توجه بشكل مباشر لمهاجمة رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني.

وكشفت الجريدة الإلكترونية المغربية “كود” مؤخرا عن معطيات خطيرة تفيد بوجود مخطط لدولة الإمارات للتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب وتجييش مؤسسات إعلامية للتلاعب بالرأي العام وتأليبه ضد حزب العدالة والتنمية.

وتحدث الموقع الإلكتروني يوم 22 فبراير/شباط 2019، عن فضيحة وساطة مسؤول في وزارة الاتصال المغربية لتنظيم زيارة لوفد إعلامي مغربي للإمارات من أجل توظيفه في حملة على الحكومة، إلا أن مديرين لمؤسسات إعلامية رفضوا ذلك.

وفي مقال بتاريخ 27 فبراير/شباط 2019 تحت عنوان “تدخل الإمارات في شؤوننا الداخلية”، تحدث الموقع عن مؤامرة أجنبية خطيرة للتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب عبر توظيف مؤسسات إعلامية كبرى.

وأكد المقال أن مسؤولا بوزارة الاتصال وبتنسيق مع مسؤول مغربي في التواصل في سفارة أبوظبي، استغل مناسبة العيد الوطني للإمارات لتنظيم سفر وفد من مدريري نشر إلى دولة الإمارات. وتم تنظيم لقاء انفرادي لكل مدير نشر مع “مسؤول إماراتي كبير”.

وخلال اللقاء، تطرق المسؤول الإماراتي لحزب العدالة والتنمية، واعتبره عضوا في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وأنه ينبغي مواجهته. وشدد الموقع على أن مديري النشر وقعوا “ضحية نصب”، وأن بعضهم رفض محاولة الإمارات الإيقاع بهم في العمل ضد وطنهم وخيانته.

وحدة وطنية

رغم أن هذه الحملة وجهت كل سهامها لحزب العدالة والتنمية وزعيمه العثماني، فإن مواقف الأحزاب المغربية المشاركة في الحكم أو في المعارضة أظهرت تضامنا كبيرا ووحدة وطنية في مواجهة الحملات الإماراتية.

واعتبر البرلماني عن المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، أن هجمة الذباب الإلكتروني “محاولة للتشويش على الحرب الاستباقية التي خاضها المغرب ضد فيروس كورونا”، وهو ما يعكس “الصورة الوحدوية الرائعة من التضامن والالتزام والانضباط التي أبان عنها الشعب المغربي”.

وأضاف حموني في منشور على “فيسبوك”: “أعتقد أن تدبير بلادنا الاستباقي لجائحة كورونا والتدابير التي أمر الملك محمد السادس أعزه الله باعتمادها والتخطيط المحكم للمواجهة التي يرعاها جلالته وتتجند له كل السلطات العمومية والمؤسسات والتجاوب الراقي للشعب المغربي ووحدته، أعتقد أن كل ذلك يثير غضب بعض الجهات الخارجية”.

وتابع: أن “هذه الجهات تتوهم بأن المال أو الثروة هما من يصنفان عزيمة الشعوب في مقاومة اللحظات العصيبة وهكذا جندت هذه الأطراف بعض الأقلام والذباب الإلكتروني في محاولة لاختلاق أشباه قضايا ومشكلات والتأثير والتشويش على هذه الصورة الوحدوية الرائعة من التضامن والالتزام والانضباط”.

من جهته عبر حزب الاستقلال المعارض عن إدانته للهجوم الذي تعرض له المغرب من قبل الذباب الإلكتروني، واصفا ما جرى بأنه “محاولات يائسة لبعض الخفافيش التي تحشر أنوفها في الشؤون الداخلية لبلادنا، وتشتغل بالليل والنهار من أجل النيل من سمعة بلادنا، وهو ما يزيد من تماسك الجبهة الداخلية وتقوية وحدة المجتمع وتشبثه بثوابته الوطنية”.

ونوه الحزب بـ”الروح الوطنية العالية للمواطنين الذين تصدوا بكل تلقائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى التحركات الأخيرة لبعض الأطراف الأجنبية التي تحاول المس بمصداقية بلادنا وبمؤسساتها” .

صراع متجدد

نشر موقع “إسرائيل نوتيثياس” الناطق بالإسبانية معلومات حول الأسباب المباشرة بخصوص حملة “الذباب الإلكتروني” الإماراتي ضد الحكومة المغربية بالتزامن مع انتشار وباء كورونا دون أن يكون هناك سبب واضح لها.

وقال الموقع الإسرائيلي: إن دولة الإمارات كانت قد توصلت إلى اتفاق ثنائي مع إسرائيل تكفلت فيه بإعادة الإسرائيليين العالقين في مجموعة من الدول على حسابها وعبر طائراتها ضمن أفواج مختلطة مع المواطنين الإماراتيين، إلا أن المغرب رفض بشكل قاطع الموافقة على السلوك الإماراتي ورفض خطة الإجلاء لأن الأمر فيه تدخل إماراتي صارخ في سيادته.

ورفضت الرباط تنظيم رحلة مباشرة بين المغرب وإسرائيل، مع عدم السماح بهبوط طائرات شركة “العال” الإسرائيلية على أراضيها لنقل الإسرائيليين العالقين، والذين لم يلحقوا برحلة خاصة لإعادتهم إلى الإمارات في بداية شهر إبريل/نيسان.

وقدمت الإمارات عرضا لتل أبيب بإرسال طائرة تابعة لها لإجلاء رعايا إسرائيل، ولكن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي أثار غضب المغرب الذي رفض هذا المقترح.

وبرزت أحاديث من الرباط عن أن أغلب اليهود الموجودين بالمغرب يحملون الجنسية المزدوجة، الإسرائيلية-المغربية، وبالتالي هم مغاربة وفق القانون المغربي، أو يحملون جنسيات دول أخرى أوروبية أو أميركية، ويعتبرون، بالتالي، رعايا لهذه الدول، ويتم أي تفاوض لإجلائهم مع سفارات هذه الدول.

وقد ترتب عن هذا الموقف المغربي الرافض للسوك الإماراتي إصدار أمر من المسؤولين الإماراتيين بتحريك الذباب الإلكتروني لمهاجمة الحكومة المغربية ورئيسها سعد الدين العثماني، معتمدين في ذلك على اختلاق الأكاذيب والادعاءات.

ومع كل رفض مغربي لمحاولات الإمارات فرض توجهات سياستها الخارجية على الرباط، تعمد السلطات الإماراتية إلى تحريك الذباب الإلكتروني للهجوم على المغرب.

وتصاعد الموقف الإماراتي المعادي للمغرب حين احتضن مفاوضات اتفاق الصخيرات الدولي بشأن الحل السياسي في ليبيا، واعترافه بحكومة الوفاق المنبثقة عنه كحكومة شرعية وحيدة هناك.

تكرر الأمر حين رفضت المملكة المغربية مسايرة خطط المحاصرين لقطر، بل إن المغرب قدم مساعدات للشعب القطري المحاصر، وأجرى الملك محمد السادس زيارة إلى الدوحة لاحقا، ثم عمل الملك على مراجعة علاقته مع “التحالف السعودي الإماراتي”، بعد أن تيقن بأنه تحالف لتدمير اليمن وليس لتحريره.

وحاولت الإمارات توظيف قضية الصحراء الغربية في الأمر، بعد شروع المغرب في تقييم مشاركته في حرب اليمن، إلى درجة تجاوزت فيها الخطوط الحمراء.

وبثت قناة العربية السعودية من دبي في فبراير/شباط 2019، تقريرا عن الأمر، تحدث عن أن “المغرب قام بغزو الصحراء بعد انتهاء الاستعمار الإسباني”. أكثر من ذلك، سمحت باستضافة زعيم جبهة بوليساريو على قناة الحرة الموجودة في الإمارات، للإعلان عن عزم الجبهة العودة إلى العمل المسلح ضد الرباط.

وفي نهاية شهر أبريل/نيسان 2020، كشف موقعا “مغرب أنتلجنس” و”الزنقة 20″ المقربين من السلطة المغربية، أن المغرب سحب سفيره في الإمارات، محمد آيت وعلي، بعدما ظل في منصبه أكثر من تسع سنوات، كما استدعي القنصلَان المغربيان في دبي وأبوظبي.

وتحدث رئيس الحكومة المغربية لإحدى القنوات التلفزيونية عن تربص أطراف بأمن واستقرار بلاده وقال: إن هؤلاء يريدون إلحاق الضرر بالقضايا الوطنية الكبرى للمغرب وعلى وجه الخصوص في ما يتعلق بوحدته الترابية.

الجديد نهاية شهر مارس /آذار 2020، تمثل في إجراء وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة والمستشار الملكي فؤاد عالي الهمة جولة خليجية زارا فيها السعودية، حيث بحثا مع ولي العهد محمد بن سلمان مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

كما زارا قطر والتقيا الأمير تميم بن حمد، وعبّرا له عن نية المملكة مساعدة الدوحة في تنظيم كأس العالم المقبل، في حين أن هذه الجولة استثنت الإمارات، فيما يشير إلى استمرار الأزمة وعمقها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق