نيويورك تايمز: ما تأثير سلوك ترامب وأكاذيبه على أمريكا؟

2 يوليو 2019
نيويورك تايمز: ما تأثير سلوك ترامب وأكاذيبه على أمريكا؟

الصحافة _ وكالات

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لأستاذ العلوم السياسية غريغ وينر، يقول فيه إن الرئيس يكذب تلقائيا في الأمور التافهة، ما يجعل القادة العالميين لا يعرفون هل يصدقونه في الأمور المهمة أم لا.

ويقول وينر في مقاله،إن “هذا التصرف أصبح روتينيا لدرجة أنه أصبح لا يثير الاهتمام، إنه يشجب الإعلام ويصفه بأنه (عدو للشعب)، ويهزأ بمنتقديه ويتهمهم بالخيانة، ثم يقوم بالتزلف بشكل مفضوح لديكتاتوري يمارس في معسكرات الاعتقال التابعة له الإبادة والتعذيب والعنف الجنسي، وأشد المدافعين يقومون بإهمال ذلك كله بتأكيدهم أنه ينبغي على الناس أن يفهموا الرئيس (بجدية وليس بحرفية)، فبدلا من كلامه المنمق يجب أن ينظر إلى سياساته التي يؤيدها المحافظون”.

ويجد الكاتب أن “هذه الصورة لترامب على أنه روبن هود سياسي، الذي يمكن تبرير تصرفاته غير المشروعة لأنها تخدم المصلحة الأكبر، هو تبرير معيب بشكل مضاعف، فأولا، إن الكذب والسوقية لا علاقة لهما بالسياسات التي يريد مؤيدو ترامب منه تطبيقها، وثانيا، فإن داعميه يدعون أنهم يريدون إعادة أمريكا إلى المبادئ التي قامت عليها، وهو ما يصعب تصديقه بشكل متزايد، لكن إن كانوا يعتقدون بالدستورية فإن عليهم أن يفهموا على الأقل أن الدستورية لها علاقة بالأسلوب أكثر من علاقتها بالسياسة، وتعتمد الدساتير على الأعراف والتقاليد، وليس على النتائج الآنية التي تنتجها، وقيام ترامب بقلب هذه الأعراف والتقاليد رأسا على عقب، سيشكل إرثا يستمر”.

ويشير وينر إلى أن “أول عيب ينتج عما يمكن وصفه بمغالطة (ما بعد ترامب، والتبريرات غير المنطقية)، وهو ما يأتي على شكل التفسيرات اللامنطقية: (بعد هذا، لذلك ولهذا السبب)، والتوضيح التقليدي لهذا المنطق هو القول بأن صياح الديك يتسبب بشروق الشمس؛ لأن صياح الديك يأتي أولا والشروق يأتي بعده”.

ويقول الكاتب: “أما في النسخة التي يتبناها المدافعون عنه فإن ترامب ينتهك المقاييس المعتادة للتصرفات الرئاسية ثم يقوم بتحقيق السياسات المرغوبة، والافتراض هو أن تلك الانتهاكات هي التي أنتجت تلك السياسات، ولا أحد يعتقد ذلك أكثر من ترامب نفسه، الذي يصيح (كالديك) قبل أن يرتفع مؤشر البورصة، ويعتقد أنه هو من تسبب بارتفاعه، والتحدي في هذه الحالة هو أن الفظاظة التي يفترض أنها تعطي نتائج إيجابية للمحافظين وصلت إلى حد يصعب مقارنتها بأي شيء، وظاهريا يمكن ربطها بكل شيء”.

ويضيف وينر: “كان يمكن (لفيلسوف وسياسي القرن الثامن عشر) أدموند بيرك أن يدرك خطأ القاعدة المؤيدة لترامب، فقد أشار إلى منطق معيب مثله في الثورة الفرنسية، فكتب أنه بتدمير المؤسسات السياسية، قام الثوار الفرنسيون دون شك بالتخلص من بعض الفاسدين، وببدئهم كل شيء من جديد فإنهم قاموا بشيء جيد لا محالة، لكن للتفاخر بنجاحهم ولتبرير جرائمهم فإنه من الضروري أن يبرهنوا على أن (الأمر ذاته كان لا يمكن أن يتم دون القيام بمثل تلك الثورة)”.

ويلفت الكاتب إلى أن “المدافعين عن ترامب هم في الموقف ذاته إلى حد بعيد: ولتبرير الدوس على التقاليد، فإن عليهم أن يبرهنوا بأنه لم يكن بإمكانه تحقيق أجندته السياسية دون فعل ذلك، ومع ذلك فإنه لا توجد علاقة واضحة بين الادعاءات الكاذبة ونجاح الأجندة السياسية، ولا يحتاج ترامب لأن يتصرف بطريقة غير حضارية لترشيح قضاة أصوليين (في تفسيرهم للدستور)، وبإمكانه الدعوة لإعادة تقييم التزامات بلده الأجنبية دون التضحية بمكانة منصبه”.

ويؤكد وينر أن “من الأفضل لترامب أن يحقق هذه الأشياء لو حافظ على التقاليد والأعراف، بدلا من الدوس عليها، وهو ما كان سيضع حدا لاندفاعاته المدمرة، ومن الصعب التفاوض على أجندة محلية مع شخص لا يكذب فقط بشأن أرقام الاستطلاعات، لكن أيضا حول ما إذا كانت تلك الاستطلاعات موجودة، بالإضافة إلى أن الزعماء الأجانب أقل احتمالا لأن يعقدوا اتفاقيات مع رئيس دولة يمكن أن يغير كلامه في أي وقت، ويضاف إلى ذلك أنه عندما يقوم الرئيس بمهاجمة الإعلام في بلده فإن ذلك يقوض سلطتها الأخلاقية في الخارج”.

ويفيد الكاتب بأن “هناك مؤشرات كثيرة على أن تبجحات ترامب لن تغادر المشهد السياسي مع مغادرته، ففي حوارهم يومي الأربعاء والخميس الأسبوع الماضي وعد كثير من الديمقراطيين بأن يحاكموا ترامب إن تم انتخابهم، وهو ما يصعب تمييزه عن تسييسه لأجهزة فرض القانون”.

ويجد وينر أنه “لا يمكن عزو هذا كله لترامب، فهو بالكاد أول من قام بالخداع بشكل روتيني، أو تصرف بشكل غير لائق ممن شغلوا هذا المنصب، إضافة إلى أنه يمكن الدفاع عن أن ترامب أفضل من بدائل أخرى متوفرة دون الموافقة على تصرفاته، لكن هناك حدا يتجاوز الأسلوب فيه الجوهر، فأشد المدافعين عن ترامب جريئون إلى درجة تبرير أي شيء للوصول الى الغاية المفضلة، فمثلا لدى مؤيديه الإنجيليين استعداد بألا يبرروا فقط لترامب الزنا والخداع، بل لتبني تلك الأفعال أيضا، فكلما كان أكثر سوقية كان بإمكانه أن يحقق مهمته المقدسة”.

ويستدرك الكاتب بأن “العديد من المؤيدين أنفسهم يزعمون بأنهم يسعون لإحياء الدستورية، ويعتقدون أن اختياره للقضاة يكفر عن سيئاته الرئاسية كلها، صحيح أن هؤلاء القضاة سيشكلون تفسير الدستور لعقود، لكن الدساتير تعتمد أكثر على التقاليد والالتزام الطوعي أكثر من اعتمادها على القرارات القضائية”.

ويقول وينر: “إن كانت الدستورية تعلم شيئا، فإنه الوثوق في القانون أكثر من الأشخاص وبالعملية (السياسية أو القانونية) أكثر من النتيجة، وأحد الأسباب هي أن السلطة التي توضع في يد حليف ستصل حتما إلى يد الخصم، والسبب الآخر هو الطبيعة العابرة للسياسة مقارنة مع الحاجة الدائمة للتقاليد الدستورية. القضاة يأتون ويذهبون، وحتى لو بقوا طول الحياة، والضرائب ترتفع وتنخفض بوتيرة أكبر، وفي حالة ترامب فإن إرث التقاليد المدمرة سيستمر أكثر من السياسات”.

ويختم الكاتب مقاله بالقول: “إن كان من يدعون الدستورية مستعدين لاستبدال التقاليد الثابتة بسياسات مؤقتة، فإن عليهم على الأقل التأكد من أن الوسائل ضرورية للوصول إلى الغايات، فلم يحقق ترامب أي شيء كان فيه ضرورة أو حتى فائدة لسوء الخلق، والطبيعة غير المبررة لتصرفاته غير الرئاسية تضيف عامل سخرية للصفقة المأساوية التي قبل بها المدافعون عن ترامب”.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق