نبيل القروي.. حكاية رجل أعمال تونسي طامح للسلطة

9 يوليو 2019
نبيل القروي.. حكاية رجل أعمال تونسي طامح للسلطة

الصٌَحافة _ وكالات

من 2002 موعد تأسيس مجموعة” قروي أند قروي ” للإعلام والإشهار التي عرفت نجاحا لافتا جعلها توسع مكاتبها في دول شمال إفريقيا، إلى 2019 موعد إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية التونسية، مسافة طويلة في الزمن وغنية بالنتائج والعبر، فقد تغير المجال والزمان ولم يتغير رجل الأعمال التونسي، نبيل القروي، صاحب الـ 55 عاما، فالمنطق البراغماتي يقوده إلى الغاية تبرر الوسيلة، والمنطق الذاتي الذي يتردد هتافه داخله، يدفعه للتساؤل ما الذي يمنع مسوق بارع لعلامات تجارية أو استهلاكية من تسويق علامة سياسية، وما الذي يمنع صانع الزعيم، من أن يصبح هو الزعيم، فالإعلام سلطة أيضا ولكن سلطة عن سلطة تفرق، فنبيل القروي هو أحد مؤسسي حركة “نداء تونس” برئاسة الباجي قائد السبسي وهو الذي قاد الحملة الاتصالية الانتخابية للحزب الذي تمكن في ظرف عامين من تكوين خزان انتخابي هزم به حركة النهضة في ذروة قوتها.

وبعد انسلاخه من الحزب نتيجة الانشقاقات والانقسامات، تلقى القروي صدمة قاسية بوفاة نجله الشاب في أغسطس/آب 2016 إثر حادث مروري، وهي وفاة دفعته إلى تكوين جمعية خيرية تخليدا لاسمه، عملت على تقديم مساعدات للفقراء والمحتاجين في المناطق المسحوقة من البلاد مع تغطيتها إعلاميا، ولم يكن يدر في خلد أغلب السياسيين ما كان يبرمج له القروي، فالخبراء والمحللون استنكروا مساعداته واعتبروها نوعا من أنواع الشعبوية ومتاجرة بابنه، لكن السياسيين أفاقوا من غفوتهم حين كشفت مؤسسات الاستفتاء منذ ثلاثة أشهر تصدر القروي لنوايا التصويت وبفارق واسع عن أقرب منافسيه.

القروي

ولم ينتظر القروي كثيرا إذ سرعان ما أعلن عن تأسيس حزب “قلب تونس” ليخوض من خلاله الانتخابات الرئاسية والتسريعية معتبرا نفسه نصير الفقراء، لكن جرت الرياح بما لا يشتهيه، إذ أقر البرلمان التونسي إدخال تعديلات على القانون الانتخابي يقضي بإقصاء أصحاب المؤسسات الإعلامية والجمعيات من خوض غمار الانتخابات القادمة، وبعدها بأيام قليلة يقرر القطب القضائي المالي تجميد أمواله ومنع سفره على خلفية شبهات فساد وتبييض أموال.

القروي الرجل المثير للجدل شخصية اتصالية بامتياز، مولع بالمغامرات بعضها محمود العواقب وبعضها غير محمود، أولاها إقدامه سنة 2007 على بعث قناة خاصة وهو ما اعتبر آنذاك مؤشرا على دخوله بيت طاعة النظام السابق، لكن القروي لم يعجز عن الدفاع عن نفسه مصرحا بأنه “تذاكى على ديكتاتورية الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن على، بإدخاله رئيس الوزراء الإيطالي السابق ورجل الأعمال، سيلفيو برسلكوني، شريكا له، حتى لا يرفض طلب التأشيرة أولا، وحتى يحمي نفسه من سطوة العائلة المالكة ثانيا “، وطبعا بعد الحرب يكثر الأبطال.

بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 قدم القروي نفسه كمناضل لبن علي، في حركة استباقية لما قد ينتظره من مطالبة بتسوية الوضعية القانونية والضرائبية للقناة، وهو ما كان على موعد معه في أبريل 2019 عند قيام هيئة الاتصال السمعي البصري بغلق قناته بالقوة العامة، مؤكدة أن صاحب القناة “خارج القانون”.

ثاني المغامرات التي صنفت آنذاك في إطار الزلات، هو تفجير القروي في أكتوبر/تشرين الأول 2011 قنبلة في المشهد التونسي الملتهب، عندما قرر بث شريط سينمائي كرتوني عن الذات الإلهية أشعل الشارع المنفلت بطبعه وتسبب في مداهمة مالا يقل عن 300 شخص من السلفيين لمقر القناة في محاولة لإحراقها، قبل أن يقدم القروي اعتذاره وهو نادرا ما يعتذر ولكنه اعتذار مدروس بتأطير ورعاية من قيادات حركة النهضة، اعتبر دين له تجاهها لم يتوان عن تسديده على دفعات: دفعة أولى في سباق انتخابات المجلس التأسيسي، ودفعة ثانية بفسح المجال عبر قناته لجماعات ليبية متشددة.

ثالث المغامرات أو “الاستباقات “وفي ذروة الاحتقان السياسي في تونس في صيف 2013 وعندما كان رئيس حركة النهضة يعتبر “نداء تونس أخطر من السلفيين” ، وكان الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، يردد “النداء والنهضة خطان متوازيان لا يلتقيان وإذا التقيا فلا حول ولا قوه الا بالله”، يحصل ما لم يكن في الحسبان ويبادر القروي بتنظيم لقاء تاريخي بين الشيخين بباريس، أدى إلى تعبيد الطريق للانتخابات بالتوازي مع تعبيد طريق صاحب القناة مع السلطة القائمة (لا طالب ولا مطلوب)، إلى حين وصول يوسف الشاهد، لرئاسة الحكومة وبداية اتهامه بالتهرب الضريبي مما جعله يفتح قناته التي أصبحت إخبارية على مدار اليوم لشن حرب في اتجاه واحد ضد الحكومة في محاولة لإسقاطها بحجة استهداف حرية الإعلام.

هذه أبرز ملامح شخصية القروي الذي ليس من السهل أن يرمي المنديل أو يستسلم، خاصة أنه شبه متأكد أن المسافة بينه وبين قرطاج باتت معبدة لكن شعبيا فقط، فللحزاب الحكم رأي آخر .

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق