ميزانية 2020.. هكذا فجٌر تحصين أملاك الدولة غضب قضاة المغرب

17 نوفمبر 2019
ميزانية 2020.. هكذا فجٌر تحصين أملاك الدولة غضب قضاة المغرب

الصحافة _ وكالات

تثير مادة قانونية بمشروع الموازنة العامة 2020 في المغرب، جدلا واسعا، حيث تحصن أملاك الدولة ضد تنفيذ أحكام قضائية، وهو ما يعتبره الرافضون “مخالفة دستورية”.

والمادة التاسعة المعنية تنص على عدم الحجز على أملاك البلديات أو الدولة بموجب أحكام قضائية.

وسبق للحكومة أن اقترحت هذه المادة قبل عامين (في مشروع موازنة 2017) وسحبتها.

وحذر “نادي قضاة المغرب” (أكبر تجمع للقضاة) من المصادقة على هذه المادة لأنها “تخالف الدستور” و”تضرب استقلالية القضاء”.

ودعا النادي، في بيان له، إلى ضرورة “إعادة النظر في مقتضيات المادة التاسعة من مشروع الموازنة، لما تشكله من تراجع واضح عن المكتسبات الحقوقية الدستورية، ومس باختيارات المجتمع المغربي، في بناء مقومات دولة الحق والقانون”.

وقال إن “ما تضمنته مقتضيات المادة التاسعة يشكل مسّاً واضحا بمبدأ فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما هو منصوص عليه في الدستور”.

ووصف البيان المادة بأنها “آلية تشريعية لإفراغ الأحكام والمقررات القضائية الصادرة في مواجهة الدولة والجماعات الترابية من محتواها وإلزاميتها، وذلك خلافا للفقرة الأولى من الفصل 126 من الدستور، الذي ينص على أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع، دون تمييز بين أطراف الدعاوى المتعلقة بها”.

ومشروع موازنة العام المقبل ما يزال قيد الدراسة في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) وبعد المصادقة عليه سيتم إحالته لمجلس المستشارين (الغرفة الثانية من البرلمان) للمصادقة عليه، ليدخل حينها حيز التنفيذ بعد نشره بالجريدة الرسمية.

مستويات معالجة المشكلة

ويرى رضا بوكمازي، نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي)، أن “المادة التاسعة تطرح إشكالا اليوم يتعلق بكيفية الموازنة بين مقتضيات دستورية أساسية تتمثل في حماية حقوق الأشخاص وضمان تنفيذ الأحكام التي يصدرها القضاء، وفي نفس الوقت ضمان استمرارية المرفق العام”.

وأضاف بوكمازي: “نحن بصدد التفكير في معالجة شمولية تنطلق أساسا من أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال عدم تنفيذ الأحكام القضائية سواء ضد الدولة أو الأشخاص”.

واستطرد: “معالجة المشكلة تحتاج إلى مستويين من التدخل، الأول برمجة اعتمادات مالية لتنفيذ الأحكام القضائية ضد مؤسسات الدولة”.

أما المستوى الثاني من المعالجة، وفق بوكمازي، فهو “الدفع من أجل اللجوء إلى التسوية الودية مع الإدارة قبل اللجوء إلى التسوية القضائية”.

واعتبر أن “الإدارة تحتاج اليوم إلى مواكبة ودعم سواء من خلال ما يتيحه القانون أو ما تقوم به الإدارة نفسها من أجل تجاوز كل الإشكالات”.

وشدد على أن “المطلوب بشكل عاجل هو إيجاد صيغة توافقية لتحقيق المبدأ الأساسي المتمثل في ضمان تنفيذ الأحكام من جهة، وضمان استمرارية المرفق العمومي في تقديم الخدمات من جهة أخرى”.

توليفة الحل

ووفق عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الأول (حكومية) بمدينة سطات (شمال) ، فإن “الجدل حول المادة التاسعة من مشروع موازنة 2020 قديم جديد”.

وأضاف اليونسي أنه “في المغرب ليس هناك قانون ينظم مسألة الحجز على ممتلكات الدولة”.

وأوضح أن “إلزام الدولة بتنفيذ الأحكام القضائية هو اجتهاد قضائي فقط يتم عبر آليتين أولهما الغرامة التهديدية عن كل يوم تأخير في تنفيذ الحكم، وثانيهما الحجز على ممتلكات الدولة بما لا يتعارض مع مبدأ استمرارية المرفق العام”.

وتابع اليونسي: “السلطة التنفيذية (الحكومة) بعدما رأت أن أحكاما قضائية تستغل ثغرة قانونية لجأت إلى قانون الموازنة لسد هذه الثغرة”.

وشدد على أن “إقرار المادة التاسعة هو نوع من المواجهة الناعمة بين السلطة القضائية والتنفيذية”.

وأوضح أن “المعادلة الصعبة في النقاش حول المادة المثيرة للجدل هي أن الحكومة تمارس سيادتها على القوانين من أجل الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى، التي قد يضر بها تنفيذ الأحكام القضائية، فيما السلطة القضائية تتلمس طريقها كي تبني استقلاليتها في علاقتها بالسلطة التنفيذية”.

وقال: “نحن أمام مبدأين دستوريين لديهما نفس الحجة والقوة وهما مبدأ استمرارية المرفق العام الموجودة في الدستور وحصانة الأحكام القضائية الموجودة في الدستور أيضا”.

ويخلص: “الحل يكمن في إيجاد توليفة للجمع بين المبدأين الدستوريين”.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق