موازين.. الَّذي عَرَّانا!‎

29 يونيو 2019
موازين.. الَّذي عَرَّانا!‎

فوزية لهلال

نحنُ شعبٌ طيِّب.. طيِّبٌ جِدّا.. طَيَّبٌ لدرجة الهبل.. والقرف..
طَيِّبٌ لدرجة الرَّقصِ على جراحه، والدِّفاعِ عن سارقيه ومُفَقِّريه..
أسدل السِّتار على مهرجان موازين في دورته 18..18 سنة ونحن نبارك لهم أموالنا المُبَذَّرة، المنهوبة..نباركها تصفيقا ورقصا وهَبَلاً!
موازين..الذي عَرَّى شيزوفرنيا القِيَم بداخلنا، انتقادٌ واسع..وحضورٌ واسع بعشرات بل مئات الآلاف، فكيف لشعبٍ واصْلاَ ليه حتَّى للعظم، أن يسجِّل حضورهُ بهذا الكم، لِيُبارك ناهبيه، لقاء فرجةٍ مجَّانية حقيقةً ومجازًا..
موازين..وميزانية هي الأضخم عربيا..ومهرجان هو الأكبر افريقيًّا، في دولةٍ لازال ابناؤها يركبون قوارب الموت..فإما عبورٌ أو وليمة ٌ لسمك البحر..
موازين…ومواطنون يُحاصَرونَ كلَّ شتاءٍ بالثُّلوج دون كهرباء ولا تدفئة ..ولا مستشفيات مُجَهَّزة.
موازين..والمغرب غارق في القروض والمديونية..
رقص الاميِّين على جراح الوطن وثرواته المُهَرَّبة..
موازين الملهاة..ملهاة عن السُّؤال وعنِ النَّظر وعن السَّمع..وحجابٌ للمنطقِ والمعقول،غطاء لتبزنيس كبير..كبير علينا باش نفهموه، لِكُروشٍ تمرَّدت عن فعلِ الشَّبع..اكلت واكلت واكلت..انتظرناها في طيبة أقرب إلى الغباء أن تشبع وتُلقي إلينا بالفتات..غير انَّها كلَّما اكلت أكثر استزادت!
موازين..وهذا الحضور الراقص على جراح الوطن لشبابٍ ابتلعتِ البطالة جُلَّهُ،وحضر ليشربَ نُخَبَ استغباءه..
موازين…والمدارس في بعض مناطق المغرب المنسي معلَّقة في أعالي الجبال..متامرة..الوصول إلى كراسيها المكسورة في حدِّ ذاته إنجاز..السبيطارات بدورها معلَّقة(كل شيء معلَّقٌ كما الأحلام ) دونها الموت!
نحتاج ثورة وعي..وتحرير للعقول من ميراثٍ مخزني عشَّشَ فيها لعقود..الشعب هو صانع يومه وغده وواقعه..بناء الوعي في وطن موازين صار ضرورة..لإيقاف هذا الرقص الابله احتفالا بمنظومات فاشلة!
طيِّبون نحنُ…جِدًّا!!
طيِّبون وملك البلاد يطرح معنا السُّؤال: أين الثَّروة؟! ويتحدَّثُ إلينا كمواطنين لدينا سلطة، سلطة محاسبة مُبَذِّري المال العام، وسلطة سحب الثِّقة، وسلطة تغيير الفساد..
لقد وجدنا الثروة يا ملك البلاد.. وتعالت الأصوات المُخلصة في الإخبار عن مكانها.. ولا زلنا ننتظر حقَّنا لأننا
طيِّبونَ جِدًّا…جِدًّا.. لدرجةِ القرف!
لقد صرنا نعايش الفساد في كثير مودة وتسامح وتساهل.. اعتدنا وجهه كما لو كان قدرنا الحتمي..
نحن الشعب الَّذي لا يُستفتى ولا يُشاور…
نحن الرَّعايا الأوفياء.. المصطَفُّون.. المُطَبِّلون.. الطيبون جدا!!
فارقصوا.. ارقصوا ايها الطيبون جدا في كل دورة، على خيباتكم وصمتكم واحلامكم المؤجَّلة..
ارقصوا احتفالا بقلَّة شرف مسؤوليكم وهم يضعون عين ميكَّا على اولوياتكم.. ويقيمون لكم فرجة مجانية باذخة في حجم موازين.. أنتم العرايا من العدل والكرامة!
واصلوا الرقص ايها الطيبون جدا…على صوتِ إليسا النَّاعم!

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق