مغاربة وجزائريون مستاؤون من تطاول قناة “الشروق” على الملك محمد السادس ويرفضون “زرع الفتنة بين الشعبين الشقيقين”

15 فبراير 2021
مغاربة وجزائريون مستاؤون من تطاول قناة “الشروق” على الملك محمد السادس ويرفضون “زرع الفتنة بين الشعبين الشقيقين”

الصحافة _ وكالات

تتواصل في المغرب أجواء استنكار طريقة تقديم العاهل محمد السادس في إحدى القنوات الجزائرية الخاصة التي قلّدت تقنية «الدمى» التلفزيونية الفرنسية من أجل السخرية. وفي الوقت الذي ملأ الغضب العديد من صفحات التواصل الاجتماعي الافتراضية لشخصيات ثقافية وحقوقية وسياسية وعموم المواطنين، شدد البعض على ضرورة ضبط النفس وعدم الانسياق مع «الاستفزاز» المتعمد في تلك الفقرة الساخرة، وعدم مقابلة الإساءة بإساءة مثلها.

واللافت للانتباه أن عدداً من المواطنين الجزائريين استنكروا هم أنفسهم، عبر الشبكة الاجتماعية، ما أقدمت عليه قناة «الشروق» مؤكدين على علاقة الدم والأخوة التي تجمعهم بالمغاربة.

على مستوى مواقف الأحزاب السياسية، أعرب عبد اللطيف وهبي، أمين عام حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض، عن استيائه ورفضه للسلوك الذي وصفه بـ«الصبياني» لقناة جزائرية حاولت التطاول على ثوابت المملكة المغربية، مديناً هذه التصرفات المرفوضة التي تخلّ بالاحترام الواجب لرئيس الدولة. ومما جاء في تدوينته الفيسبوكية: «نأسف لما صدر عن القناة الجزائرية المحسوبة على جهات رسمية، تُموَّل من طرف أموال الشعب الجزائري، والتي حاولت المس بمؤسسات تاريخية عريقة صعبة المنال، لما تشكله من عقدة سياسية ومؤسساتية لبعض المسؤولين بالجزائر، إن هذه التصرفات المرفوضة والمدانة لا تخل بالاحترام الواجب لرئيس دولة جارة فحسب، بل تنتهك أبسط القوانين والسلوك المتعارف عليها».

رعونة إعلامية

وتساءل نزار بركة، أمين عام حزب «الاستقلال» المعارض: «لِـمَ كل هذا العداء؟ هل استنفدت الصحافة الموجهة بالجزائر كل مآسي الشعب الجزائري الشقيق وهو يتطلع في ربيعه الديمقراطي إلى الحرية والعيش الكريم والتقسيم العادل لثروات البلاد؟ أم إنها تحاول كعادتها للأسف تصدير الأزمة واختلاق عدو وهمي لتضليل وإلهاء المواطن الجزائري عن همومه الحقيقية ومطالبه المشروعة؟». وأضاف في تدوينته قائلاً: «عيب أن تصل الرعونة الإعلامية والسياسية إلى رموز بلد جار تتقاسم وإياه الجزائر الماضي والحاضر والمستقبل… جلالة الملك حفظه الله ما فتئ يمد يده إلى الإخوة في الجزائر، ودأبه في ذلك قول الله تعالى: «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ».

وأدان حزب «التجمع الوطني للأحرار» المشارك في الحكومة ما أسماه «الاستفزازات الإعلامية الجزائرية، وكذا محاولة الإساءة للمغرب وثوابته ورموزه»« وعبر في بيان له عن تقاسمه مع كل مكونات الشعب المغربي مشاعر الفخر والاعتزاز بالانتصارات المتتالية للمملكة، مسجلاً في المقابل إدانته لمحاولة الإساءة للمغرب وثوابته ورموزه والتي بلغت سقف تجاوز اللباقة عند حكام الجزائر. وأضاف أنه «مقبول أن يعبر النظام الجزائري عن مواقفه تجاه قضايا تعنيه، لكن أن يصل به الحقد إلى مستوى متدن ليسخر الآلة الإعلامية للإساءة إلى شخص الملك فهذا أمر لا يمكن لحزبنا السكوت عنه» مؤكداً أن «تسخير البروباغاندا السياسية وافتعال خصوم وهميين، وافتعال أزمات لا يمكن أن يخفي عمق المشاكل الاجتماعية والمآسي الإنسانية التي يتخبط فيها «، وفق البيان.

ورأى محمد نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، أنه «عندما تلجأ أبواق إعلامية مُسخرة من قِبل أوساط جزائرية يائسة من جراء الهزائم المتتالية التي حصدتها، إلى أساليب بئيسة وسخيفة، تستهدف رمز الأمة المغربية، فذاك تعبير دنيء عن الافتقاد إلى الصواب والمروءة» وفق ما جاء في تدوينته الفيسبوكية.

وكتب القيادي في حزب «العدالة والتنمية» والوزير السابق محمد يتيم تدوينة، مما ورد فيها: «لا نظن أن الشعب الجزائري والعقلاء من مفكريه وسياسيه سيقبل وسيقبلون بسفاهة أولئك الذي مسوا بشخص ملك المغرب ورمز وحدته، وليس من أخلاق المغاربة أن يبادلوا الإساءة بالإساءة خاصة وأن الأمر يتعلق ببلد شقيق. وتابع قائلاً: «لن نرد على سفاهة بعض السفهاء، لأننا تربينا منذ نعومة أظافرنا على أننا (خوا خوا) كما يقول إخواننا الجزائريون.

وأكد أن «جوابنا هو أن نقول إن المغاربة فخورون بملكيتهم وملكهم منذ أن تأسست الدولة المغربية منذ إدريس الأول الذي احتضنه أهل المغرب وبايعوه، وزوجوه بنتاً من بناتهم فاختلط الدم الأمازيغي بالدم الشريف وانتظروا أن تلد إدريس الثاني ويبلغ أشده ليبايعوه». وأوضح: «تفهم أن ذلك السفه هو محاولة لتصدير أزماتهم الداخلية وتوجيه الأنظار لخصم خارجي موهوم هو المغرب الذي دعم كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار، ولم يعتبر ولن يعتبر في يوم من الأيام أن الجزائر وشعب الجزائر خصم أو عدو للشعب المغربي. وختم تدوينته بالقول: «لن نقابل السفاهة بالسفاهة والإساءة بالإساءة لإيماننا بعلاقة الأخوة مع الشعب الجزائري وأن من تولى كبر الإساءة لجلالة الملك لا يمثل الشعب الجزائري ونبل الشعب الجزائري».

المجلس الوطني للصحافة يدين

وأدان «المجلس الوطني للصحافة» ما وصفه بـ«انتهاكات» قناة «الشروق» الجزائرية لأخلاقيات الصحافة من خلال بثها لبرنامج تضمن تهجماً واضحاً على الشعب المغربي وعلى الملك محمد السادس. وأشار في بيان إلى أنه «تابع ردود الفعل التي أثارها بث قناة الشروق الجزائرية، لبرنامج ساخر، تضمن تهجماً واضحاً على الشعب المغربي وعلى جلالة الملك محمد السادس، من خلال تعابير تحقيرية، تحط من الكرامة، ولا تمت بصلة لبرامج السخرية، التي تبثها قنوات متحضرة، تكتفي بالتعليق والنقد، دون الوصول إلى التحامل وتشويه الصورة الشخصية والإساءة للشعوب».

وأوضح أن البرنامج المذكور «استعمل عبارات قدحية في حق جلالة الملك، ثم احتقر الشعب المغربي، وأشاد بشكل واضح بالحرب، وهي كلها انتهاكات صارخة لأخلاقيات الصحافة» مضيفاً أنه «هاجم أيضاً كل اليهود، وهي ممارسة ممنوعة في كل القوانين في العالم، حيث لا يمكن التمييز بين البشر بسبب العرق والدين».

وعبّر عن إدانته الشديدة لهذا المنحى الإعلامي الذي يعبر عنه هذا البرنامج، محذراً من مغبة السقوط في زرع الكراهية والحقد بين الشعوب، الأمر الذي يناقض الرسالة النبيلة للصحافة. كما دعا الصحافة والإعلام في المغرب إلى الامتناع عن أي ردود أفعال مماثلة، حرصاً على الالتزام بأخلاقيات الصحافة وبالموضوعية والنزاهة، والعمل على تكريس روح الأخوة بين الشعبين المغربي والجزائري. كما وجه نداء إلى الصحافيين والإعلاميين في الجزائر بالابتعاد عن كل ما يمكن أن يسيء لعلاقات الأخوة والصداقة بين الشعبين، ونبذ وعزل أولئك الذين يسعون إلى خلق أجواء التوتر والمواجهة وإثارة مشاعر الحقد والكراهية والعنف.

وعبرت «النقابة الوطنية للصحافة المغربية» عن استغرابها الشديد من مضمون المادة الإعلامية التي استهدفت المؤسسة الملكية ورمزها العاهل محمد السادس في قناة «الشروق» الجزائرية. وقالت، في بيان تلقت «القدس العربي» نسخة منه أمس، إنها «إذ تستنكر بأشد العبارات هذه الإساءة وهذا التطاول المتعمد لهذه القناة التي رسمت حدود التعبئة الرسمية لاستهداف المغرب ورموزه بأسلوب يفتقر لأبسط الضوابط المهنية، تدرك جيداً أنه سلوك لا يعبر، لا من قريب أو بعيد، عن مواقف الشعب الجزائري الشقيق الذي أكد، في أكثر من محطة، عن احترامه الشديد وتقديره البالغ لشخص جلالة الملك كأحد القادة الذين يسعون لتحقيق تقارب الشعوب وتثبيت مرتكزات السلم والأمن والتقارب والاحترام المتبادل وحسن الجوار».

نددت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بما وصفته «المستوى الهزيل في ممارسة النقد المكفول في أعراف الديمقراطية، والذي يروم التقويم للسلوك والتدبير، لا أن يتحول الإعلام لخادم تحت الطلب، يتوسل أدوات نقدية تكشف عجز المخيال الذي أنتح بواسطتها شكلاً مشوهاً في الإساءة لرمز دولة جارة دون احترام شعبها».

إسفاف واستعداء

واعتبرت أن وصول الإعلام الموجه نحو درجات الإسفاف والاستعداء مؤشر خطير على وضع الشعب الجزائري في زاوية الاستسلام لأجندة الإلهاء عما يجري حقيقة داخل بلد جار يستحق شعبه أن ينعم بحياة فيها ما يسعده ويسمح له بتفجير طاقاته لبناء محيط إقليمي متساكن ومنتج للتنافسية، لا حشره لإنتاج الحقد والضغينة استعداداً لدفعه نحو محرقة التطاحن وسفك الدماء». واستغربت نقابة الصحافة اعتماد منبر إعلامي جزائري وسيلة للتعبير الأكثر استدعاء للإبداعية والجرأة لمهاجمة المغرب دون وجود ما يعلل ذلك، في الوقت الذي تصوم فيه عن الخوض في مشاكل البلاد التي تعيش أكثر درجات الاحتواء والاستبداد، ويحتاج فيه الشعب الجزائري لإعلامه المستقل والنزيه لمواجهة كل أشكال الظلم. في السياق نفسه، استنكرت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف» ما أسمته «الإساءة البذيئة والمنحطة» لقناة «الشروق» الجزائرية في حق العاهل المغربي، وجددت في بيانها التأكيد على اصطفافها ضمن جبهة الدفاع عن القضية الوطنية والتصدي لكل الشائعات والمغالطات التي تستهدف البلاد والشعب المغربي، واستنكارها لأي استهداف مسيء للمؤسسات المغربية وللعاهل محمد السادس من لدن ماكينة البروباغاندا الجزائرية، ووصفت عمل قناة «الشروق» بالتهجم الواضح والمنحط في حق الشعب المغربي، وفي حق الملك محمد السادس، وسلوك دنيء وانتهاك فاضح لقواعد وأخلاقيات المهنة.

وأعرب محمد بنحمو، رئيس «المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية» عن أسفه الشديد «للمستوى المنحط واللا أخلاقي الذي وصل إليه الإعلام الرسمي الجزائري، الذي ينفذ حملة عدائية ممنهجة ضد المغرب، وصلت حد التطاول على مؤسساته وعلى رأسها المؤسسة الملكية». أوضح في تصريح أوردته وكالة الأنباء المغربية، أمس الأحد، أن النظام الجزائري «فقد الوعي والبوصلة مع توالي انتكاساته في قضية الصحراء المغربية» مشيراً إلى أن «جنرالات الجزائر ينفثون سموم الكراهية ضد المغرب». واستنكر ما وصفه بـ»السلوك الأرعن لإعلام متخلف» مؤكداً أن المغاربة لن يسمحوا بأي تطاول على المؤسسة الملكية.

وصرّح المحلل السياسي والأكاديمي مصطفى السحيمي بأن التطاول على شخص الملك يعدّ تجاوزاً للتقاليد، ويعكس أزمة قيم في البلد الجار، وأشار في تصريح صحافي إلى أن جزءاً من الإعلام الجزائري يثير الشفقة، بتقديمه محتوى غير لائق حول جلالة الملك، وأكد أن التطاول على ملك المغرب يشكل مساً بشخصه وبكرامة الشعب المغربي، مؤكداً أنه ليس هناك من سبب تاريخي وسياسي وثقافي يبرر هذا السلوك فالمشكل ـ في نظره ـ «أخلاقي». وأضاف أنه ضمن هذه الصورة الموسومة بالفوضى واليأس، تحاول جنرالات الجزائر، عبثاً، إظهار المغرب، وملكه، وشعبه، بمظهر العدو التاريخي» على حد تعبيره، معتبراً أن الأمر يتعلق بـ»بؤس سياسي، وسياسة البؤس» معرباً عن تعاطفه مع «الشعب الجزائري الشقيق».

تطاول وفعل شائن

وانخرط مواطنون جزائريون في حملة استنكار سلوك قناة «الشروق» فكتب الفنان المسرحي محمد شرشال تدوينة قال فيها «تطاول قناة الشروق على العاهل المغربي فعل شائن وغير مقبول. ماذا لو استهزأت إحدى القنوات المغربية برئيس جمهوريتنا ورموزها؟ عيب وعار عليك يا شروق وأنت تزرعين الفتنة بين شعبين يربطهما تاريخ ودين مشتركان».

كما كتب الفنان الجزائري المهدي قاصدي: «أرجو من القنوات الجزائرية الخاصة ألا تحرجنا مع أصدقائنا وإخوتنا في المغرب الشقيق. فعندنا هناك في المغرب، إخوة وأصدقاء وزملاء وأحبة، أكلنا من طاعمهم، ونمنا في بيوتهم، واستضافونا أحسن ضيافة، وكانت الجزائر ضيفة شرف. لا تحرجونا من فضلكم لا تحرجونا».وانتشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي الافتراضية فيديو لشاب جزائري، قال فيه إنه يريد أن يوصل نداء للدول العربية والمغاربية، فلقد راح زمن العداوة والبلادة. ووجه كلامه للقائمين على بعض المسؤولين الجزائريين، قائلاً: «أنتم (تستحمرون) الشعب. تتركون مشاكله، وتريدون التدخل في شؤون الغير، وإشعال الفتنة». وأكد أن المغاربة والجزائريين إخوة منذ عقود، موضحاً أن «محبة ملك المغرب تجري في دم جميع المغاربة، وهو بمثابة أب للجميع».

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق