مخلص حجيب يكتب: الشباب الصحراوي والحاجة إلى القطع مع معايير “الريع” و أفق التنمية والاستثمار في الإنسان

10 نوفمبر 2020
مخلص حجيب يكتب: الشباب الصحراوي والحاجة إلى القطع مع معايير “الريع” و أفق التنمية والاستثمار في الإنسان

الصحافة _ بقلم مخلص حجيب

تزامنا مع ذكرى المسيرة الخضراء، هناك تفاعل كبير مع القضية الوطنية، وهذا شيء إيجابي يوضح مدى تشبت الشعب المغربي بصحرائه، إلا أنه اليوم ليس الهدف هو الخوض في ترديد الشعارات الرنانة التي تتعلق بمغربية الصحراء من عدمها في كل مناسبة.. فزمن الشعارات والأغاني الحماسية قد ولى، مع انقضاء وسقوط عهد معمر القدافي و كاسترو و الإتحاد السوفياتي. علماً أن البوليزاريو نفسها تعيش حصارا دوليا خانق بعدما أضحت ترفض الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، الانسياق وراء أطروحة السراب، ف 163 دولة أي 85% من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لم تعد تعترف بالكيان الوهمي، وهذا انتصار حقيقي يحسب للدبلوماسيية المغربية التي أبانت عن علو كعبها.

اليوم الجزائر هي أيضا تعاني داخلياً من أزمة حقيقية وعميقة، فرياح الربيع العربي لا زالت مستمرة هناك مفتوحة على جميع الإحتمالات و التوقعات تحت شعار (يتنحاو كاع)، فما تريده الجارة الجزائرية اليوم هو تصريف الأزمة الداخلية إلى الخارج و خلق حرب (مناوشات) في الجنوب المغربي المتنازع عنه، لتوجيه الرأي العام الداخلي الجزائري الذي سئم من سياسة التجويع التي ينهجها جنرالات هَمهم الوحيد مراكمة الأموال والأرباح وتهريب الدينار الجزائري إلى ابناك الخارج و ترك الشعب بين سنديان الفقر ومطرقة التهميش.

دعونا نعود للمغرب و لسياستنا الداخلية في تدبير ملف القضية الوطنية، فبينما يتم تقديم كل أشكال الدعم لبعض تجار النضال الذين جعلوا من الوطن بضاعة رخيصة في أيادي تجار الكلام، للتطبيل والتصفيق حول ملف الصحراء، ناهيك عن السفريات والفنادق الخمس نجوم المصنفة.. للدفاع عن القضية الوطنية مستفيدين من جميع أنواع وأشكال الريع، لنجني اللاشيء في أخر المطاف سوى دعم سفالتهم وتربية ثقافة الجشع في نفوسهم، ليتراكم بالمقابل المزيد من السخط والغضب في صفوف أبناء الصحراء، الذين يعانون من جميع انواع العطالة والتهميش والتفقير.. فالشباب الصحراوي اليوم لم يعد كما كان في الماضي هو اليوم شباب واعي متعلم ومعظمهم شباب جامعي، لم يعد يقبل بالريع بقدر ما يبحث على أن توفر له الدولة فرص شغل يضمن بها عيشاً كريما بعيدا عن أسلوب الإسترزاق والشحاتة.

إذا أراد المغرب اليوم حسم نقاش القضية الوطنية داخلياً، وجب عليه العمل على القطع مع الدهنية الريعية التي كانت سائدة هناك، وبدل إستمالة الصحراويين بمنطق توزيع “الوزيعة” وبعترت أموال المبادرات التنموية على جمعيات فاقدة للشرعية، عليه العمل على تشييد الجامعات و المعاهد و فتح أوراش كبرى لتشجيع الرأسمال العالمي للدخول إلى مناطقنا الجنوبية و الإستثمار فيها و المساهمة الفعلية في النهوض بها على جميع المستويات الإقتصادية والإجتماعية.. كما لا يجب إغفال الإستثمار في العنصر البشري لأنه أساس تقدم و إزدهار الأمم.
حقيقةً، على الرغم من الجهود المبذولة من طرف الدولة المغربية في تنمية أقاليمنا الجنوبية.. إلا أن الأزمة تكمن في تنزيل القرارات و الخطب الملكية على أرض الواقع المادي، ولا يفوتني أن أطرح سؤالا ً لطالما راودني.. لماذا تأخر تنزيل مضامين الخطاب الملكي الذي ألقاه العاهل المغربي في ساحة المشور بمدينة العيون سنة 2002 ؟!! فعلى سبيل المثال قد أعطى أوامره السامية لإنشاء قرى نموذجية للصيادين بالأقاليم الجنوبية أطلق عليها إسم مشروع قرية الصيادين “تاروما”، ليبقى هذا المشروع الحي و النموذجي حبراً على ورق رغم توفير ميزانية ضخمة له تقدر ب13.5 مليون درهم. ويعتبر هذا الورش الكبير من المشاريع التنموية التي تم إقبارها في عتمة الليل القاتم، فمن يتحمل المسؤولية في ذالك يا ترى ؟!!

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق