كورونا و مشروع “الأصالة و المعاصرة” : إنَّا للنُّورِ و إنَّا إليه راجعون !.

1 أبريل 2020
كورونا و مشروع “الأصالة و المعاصرة” : إنَّا للنُّورِ و إنَّا إليه راجعون !.

الصحافة _ عبد المجيد مومر الزيراوي

” كان هيغل على حق عندما قال إننا نتعلّم من التاريخ أنه يستحيل على البشر التعلّم من التاريخ ” جورج برنارد شو.
إشتدي أزمة تنفرجي ! و مهما طالت شِدَّتها سينقضي أجل ذروة الجائحة و ستزول غُمَّتها بإذن الرحمان، و سنشرع جميعنا في تقييم أرقام خسائرنا البشرية و الإقتصادية و الإجتماعية. ثم سنعود إلى ممارسة حياتنا الطبيعية ضمن سياق خارجي جديد ، لكي نكتشف أن الأمة المغربية تواجه صعوبات و تحديات مُسْتجدة.
فهل سنجد أحزابنا جامدة مُتَجمِّدة مثلما كانت أم أنها ستتطور إيجابا بإعتماد الجواب الثقافي الكفيل بتجاوز مرحلة الصدمة و الرعب قصد التعلّم من مُخلفات هذه التجربة الإنسانية و الإستفادة من دروسها ؟!.
و لأن المغربيات و المغاربة -إبَّان مِحنَتهم هاته- قطعوا الشك باليقين في انعدام الجدوى من منظومة حزبية منكوبة،  فإن سياق الحديث سيمضي بنا إلى الرد على ما جادت به قريحة عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة الذي خرج علينا كاتبا ما يلي : ” ثم صرنا نسائل أنفسنا : في ظل أية سياسة سنعيش مستقبلا؟”.
هكذا إذن ، سأَمُد يد العون إلى زعيم حزب الأصالة و المعاصرة كَيْ يَتذَكر معي أن تطور الشعوب و الأمم سنة لن تجد لها تبديلا. وَ كَما خرجت الانسانية مُثقلة بخسائر الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيّتها عشرات الملايين من البشر ، و دمَّرت قنابِلها عُمرانَ و اقتصادَ دولٍ عدة. خرج منها نظام عالمي جديد سار بالقطبية الثنائية إلى أن إنهار الاتحاد السوفياتي. ثم جاء نظام أحادي القطبية فَتَعالَت معه صيحات نظرية نهاية التاريخ و إنْدَمجَت عبرَه أسواق العولمة حتى بلغت ذروتها التوَسُّعية و طفرَتها المالية. و عند ساعة الثورة الصناعية الرابعة، إِنْهَارَت أسهم البورصات و إندحرت قوة الإنتاج و توَقَّف الإنسان عن الجَوَلان في مناكِب الأرض بسبب أهوال كورونا فيروس، و لم يَنْته التاريخ بعد !.
نعم يا رفيق ستَنْقضي الجائحة بإذن الله، و ستظل الطبيعة على طبيعتها قادرة على المباغثة و المفاجأة ، ستستمر الطبيعة مثلما كانت حبلى بالملايين من الفيروسات و بالكثير من التهديدات الفضائية و الجيولوجية و البيولوجية و ما خفي كان أعظم. و ستجد الطبيعةَ ذكيةً خارجةً عن ثقافة المألوف و المعتاد و الجامد في النفوس. و أنا على أتم اليقين أن الأحزاب المغربية التي تحارب العقل و الإبداع ليس بمَقدورها -اليوم – تقديم الأجوبة الكبرى المُنْتَظَرَة!.
و ذلك لأنها أحزابٌ بلا مناعة فكرية متطورة و بلا خيال ذكي حالم، فكيف لها و من أين لها القدرة على طرح أفكار و حلول جديدة أمام أنظار المجتمع المغربي تساعِدُه على الثبات و التفاؤل و المقاومة؟. و ها نحن نراها كما نراها : ليست إلا غُرفًا مغلقةً مظلمةً إعتاد قاطِنوها المُخْتارون على إستجداء الغنيمة و نشر ثقافة الريع التي تتحكم في كل مفاصل الحياة اليومية للمواطن. نعم ، هي الأحزاب مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تبخيس العلم و تكبيل الوعي برفع شعار لسنا بحاجة إلى من يفكر!. و هي في عَماهِهَا  مازالت كذلك؟.
 أما الآن -و نحن في زمن العسر و الضيق- ها قد اصطدمنا بأم الفواجِع حينَ يَفرُّ قادة الأحزاب خوفا من المجهول لأنهم اعتادوا النقل ضد العقل و طغوا في خنق حرية التفكير و الإبداع و الإبتكار و الإختراع. إِيْ وَ رَبِّي ؛ إنهم إعتادوا الظهور في زمن الرخاء و اختاروا الإدبار في الجحور أمام كَرَّة الوباء.
و لعل حالة عبد اللطيف وهبي أبرز مثال على حقيقة القيمة السياسية المضافة لهذا الذي نجح في قيادة حزب ” بالدْفِيعْ ” !. ها أنتم تجدونه -اليوم- يستجدي التوافق باسم الوطن مع من أضاعوا مصالح الوطن طيلة عُشريَتهم الحكومية ، و ذلك بعد أن شَتَّتَ فيروس كورونا شمْلَ مجالس استكمال انتخاب أجهزة حزب الأصالة و المعاصرة، و صار عبد اللطيف وهبي يهيم وحيدا منفردا بلا مرجعية ثقافية و لا  مكتب سياسي، و لا هم يستَحُون !.
فها أنتم تجدونه ضائعًا تائهًا متسائلاً : أي معارضة ستكون أجدى لأي حكومة بعد اليوم؟. أما أنا سأقول له قولا لَيِّنًا عَلَّهُ يَسْتَحِي قليلاً : إن هذا السؤال لا يليق بحزب صَمَّ أسماعنا بِلَغْو ادِّعاء امتلاك المشروع الحزبي البديل أَ لاَ وَ هوَ: مشروع ” الأصالة و المعاصرة”. نعم .. هذا السؤال لا يليق بحزب تحصل على المرتبة الثانية في نتائج الانتخابات و له ثاني أكبر كتلة نيابية كان يفترض فيه تقديم الحلول البديلة في الصحة و التعليم و إنقاذ الإقتصاد بعد هذا الفشل الحكومي الذريع.
ثم ها أنتم ترون كيف أصبح عبد اللطيف وهبي مُنْهَكًا لا يخجل من رَذيلة التسول السياسي. و تأمَّلوا معي كيف يعيش زعيم ” حزب الفرد” في زمن حالة الطوارئ منهارًا فاقدا لرؤية مستقبلية بسبب مرض الجمود العضال و داء فقدان المناعة الثقافية. و ها أنتم تتابعون كيف أنه لا يدري ما العمل ؟! رغم أنه عاش يساريا يدَّعى مناهضة العولمة و النيو ليبرالية المتوحشة و طغيانها الاقتصادي، و التي بات تتهددها اليوم حمى الضعف المبتذل. بل أكثر من هذا ! بات عبد اللطيف وهبي تحت تأثير الصدمة يلعن موقعه في المعارضة و يَتَمَسَّح بالأهْدابِ الواهية لتنظيم العدالة و التنمية كَيْ يَستَجْدي الغنيمة بالتوافق مع سعد الدين العثماني رئيس الحكومة مُبْدِعُ كذبة ” مَا تْخَلْعوشْ منْ كورونا .. عِيشُو حياتْكُمْ “، و الذي جرَّبَه المغاربة و تبَيَّنوا من إنجازاته الوهمية خلال محنة كورونا الشديدة الخطورة.
و رغم خَطْبِ الإكراهات الداخلية و العالمية فإنَّا لا نُعارض قدرَ الله ، و إِنَّمَا سَنَفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله!. سَنَفِرُّ من شرور كورونا و من فشل أحزاب المَعكَرُونَة إلى أَمَلِ الإحياء الثقافي مُتَمَسِّكين بِحِكَمِ المعلم محمد السراج المنير الذي قال إذا قامت الساعةُ وفي يدِ أحَدِكم فَسيلَة فَلْيَغْرِسْهَا!.
و لأنَّ على هذه الأرض شعبٌ يستَحق الحياة !، و لأننا الحاملون لفكرة الحداثة الشعبية التي تؤسس لمرحلة تنقية الذات المحلية مما علق بها من ثِقل تاريخاني قصد تجاوز النزاع المفتعل الذي يروم تحريض الماضي على الحاضر أو العكس، و يفتح أمل وثبة ثقافية للشباب المغربي من أجل مواجهة تداعيات الجائحة الخطيرة عبر إبداع أنماط و صيغ متطورة تضمن القابلية للتجدد السلس لمفاهيم التفاؤل و العزم و العمل، و تفسح في المجال لإحقاق التأهيل المعرفي و العلمي و التكنولوجي للمنظومة المتجمدة أمام ثورة ” رقمنة الإنسانية ” و نتائجها المتعددة الأبعاد.
فإننا بالتأكيد سنطالب باحترام الدستور ، و سنطالب الشعب المغربي بمحاسبة الحكومة على المسؤولية التقصيرية في جائحة كورونا بعد أن إنكشفَت للعيان أوهام أحزاب الأغلبية و المعارضة التي هي أوهن من بيت العنكبوت.
# تحيا الدولة الوطنية السيادية
عبد المجيد مومر الزيراوي
شاعر و كاتب مغربي

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق