كواليس مثيرة وغير مسبوقة حول لوبي قويٌ يضم برلمانيين وصحافيين ومسؤولين كبار في البرلمان ووزارة الصحة يُدافع عن شركة مغربية لتصنيع الأدوية لتحقيف أرباح بالملايير والتأثير على الرأي العام والسلطة التشريعية لتمرير الصفقات والقوانين ويستفيدون من مبالغ مالية ضخمة وهدايا وسفريات فاخرة

10 نوفمبر 2019
كواليس مثيرة وغير مسبوقة حول لوبي قويٌ يضم برلمانيين وصحافيين ومسؤولين كبار في البرلمان ووزارة الصحة يُدافع عن شركة مغربية لتصنيع الأدوية لتحقيف أرباح بالملايير والتأثير على الرأي العام والسلطة التشريعية لتمرير الصفقات والقوانين ويستفيدون من مبالغ مالية ضخمة وهدايا وسفريات فاخرة

الصحافة _ سعيد بلخريبشيا

كشف مصدر جد موثوق لجريدة “الصحافة” الإلكترونية أن مختبرا وطنيا لتصنيع الأدوية بالمغرب يعتبر من أكبر الفاعلين المغاربة في المجال، تمكن من تشكيل لوبي حقيقي تمتد أطرافه في كل مكان، استطاع أن يحتوي بعض الأطباء والصيدلانيين والإعلاميين والبرلمانيين، بل وحتى مسؤولين كبار داخل وزارة الصحة، والهدف المتستر/المعلن كان دائما تحقيق أكبر قدر من الأرباح. ولأن القانوني يحمي الأذكياء على الدوام، ولأنه وضع ليخرق، أيضا، فإن هذه المختبرات ابتدعت أساليب لا تخطر على بال أحد للاحتيال عليه وتبييض أرباحها بقوة القانون نفسه.

وحسب نفس المصدر، فإن ذات مختبر تصنيع الأدوية الذي يتخذ من منطقة بوعزة مقرا له، أفلح في تشكيل لوبي كبير يتشعب في الكثير من القطاعات: وزارة الصحة، البرلمان، جمعيات المجتمع المدني المكلفة بالمرضى، التعاضديات، الصيدليات والأطباء، والصحافيين. بمعنى آخر، مهما حاول وزير الصحة أن يحارب لوبيات الأدوية التي يحركها المختبر، فإن مهمته لن تكون بالسهولة التي تصورها أول يوم، سيما وأن قطاع صناعة الأدوية ظل منذ استقلال المغرب حكرا على شركات تسيرها عائلات معروفة ولديها نفوذ داخل مراكز القرار.

وتمارس لوبيات ذات المختبر المغربي المختص في تصنيع الأدوية، والذي أضحى “يستثمر” في الأعمال الخيرية خلال السنوات الأخيرة، ضغطا قويا تحت قبة البرلمان وبمواكبة إعلامية كبيرة لتأييد التشريعات والقوانين التي تصب في مصلحته على حساب المواطنين، حيث يستعين المختبر ببعض البرلمانيين والأطباء والصيادلة وتنسج لهم علاقات مدفوعة الأجر مع بعض الصحافيين للتشجيع على استعمال دواء بعينه والتحريض على مقاطعة آخر، أو شن حروب على صفقات لتوزيع الأدوية ظفرت بها شركات منافسة سواء من داخل أو خارج المغرب، وهي الحيلة، التي وظفتها، استنادا إلى المعطيات نفسها، في أكثر من مناسبة.

وأفاد مصدر جريدة “الصحافة” الإلكترونية، أن حيل المختبرات عديدة ومتشعبة وكلما التف حبل القانون حول عنقها، ابتدعت حلولا جديدة أكثر خداعا، والهدف الأول والأخير هو جني المال. وهكذا تمكنت مؤخرا، وبضغط إعلامي قويٌ، ومن خلال ضغوطات قوية طالت مسؤولين كبار في وزارة الصحة من إلغاء صفقة ضخمة فُصلت على مقاس شركة أمريكية، مقابل إقصاء الشركة المغربية موضوع مقالنا هذا، حيث أصدر وزير الصحة، خالد آيت الطالب، قرارا يقضي بإلغاء هذه الصفقة المتعلقة باقتناء دواء التهاب الكبد الفيروسي من نوع «س»، بمبلغ يفوق 4 ملايير سنتيم.

وأثارت هذه الصفقة الكثير من الجدل نظرا لطريقة إعدادها على مقاس شركة أمريكية بعد تأجيلها لمدة ثلاث سنوات، حيث تم تخصيص ثلثي الصفقة للشركة الأمريكية، التي حصلت على الترخيص قبل أربعة أشهر فقط من إعلان طلب العروض، فيما شنت الشركة المغربية  من خلال لوبي إعلامي وبرلماني هجوما عنيفا على الصفقة، إذ روجت على أنها قدمت عرضا بثمن أقل في الحصة الثانية للصفقة، حيث تقول جل التقارير المدافعة عن المختبر المغربي أن الشركة الأمريكية التي فازت بالحصة رقم 180 قدمت عرضا بمبلغ 14 مليون درهم، أي بثمن 59,35 درهما لكل حبة دواء، فيما قدمت الشركة المغربية عرضا في الحصة نفسها بمبلغ 300 مليون سنتيم، أي بثمن 24 درهما لحبتي الدواء المستعمل في العلاج.

ولم تقف عند هذا الحد بل إن لوبي مختبر تصنيع الأدوية المغربي شن هجوما عنيفا على وزير الصحة السابق، وإتهمه بالتواطى في تفويت الصفقة للشركة الأمريكية مقابل نيل حصته المالية من الصفقة، فيما تتهم الشركة الامريكية الكاتب العام بالنيابة الحالي لوزارة الصحة بخدمة اجندات الشركة المغربية التي تديرها إحدى السيدات، وهي نجلة صاحب المختبر.

فأن يكون للمختبرات لوبيات للضغط هو أمر عادي لأن العديد من القضايا بأوربا وآسيا والولايات المتحدة الأمريكية وحتى ببلدان المغرب العربي قد أظهرت خطورة الاستراتيجيات التجارية لبعض المختبرات للرفع من المبيعات أو لمواصلة احتكار بعض الأدوية أو للحفاظ على استقرار أثمنة جد مرتفعة أو لتكسير المنافسة. لكن بالمقابل، يجب أن تكون لنا الأدوات لمواجهة هذه اللوبيات على مستوى السياسة الدوائية والتشريع والتكوين والشفافية والتواصل.

ولنا عودة أخرى في الموضوع بالوثائق والكثير من المعطيات والتقارير الرسمية، وكذا أسماء اعضاء مجموعة الضغط التابعة لمختبر المغربي المختص في تصنيع الأدوية، وتفاصيل طرق إشتغاله، واسماء مسؤولين في البرلمان ووزارة الصحة وصحافيين حصلوا على مبالغ مالية ضخمة وهدايا ثمينة واستفادوا من سفريات فاخرة خارج أرض الوطن.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق