ضدا في الجميع.. مجلس النواب يصوت على ميزانية تقاعد البرلمانيين

15 نوفمبر 2019
ضدا في الجميع.. مجلس النواب يصوت على ميزانية تقاعد البرلمانيين

بقلم: عبد الحي بنيس*

في إطار الرقابة التي يمارسها الرأي العام على السياسة، استأثر موضوع تقاعد البرلمانيين من مجلسي النواب والمستشارين باهتمامات الرأي العام المغربي، وأسال مدادا غزيرا وعرف سجالا كبيرا بين العديد من الأطراف، وتصدر الصفحات الأولى للجرائد الورقية والمواقع الإلكترونية، وأثار تفاعلا بين مستعملي وسائط الاتصال الجماهيري المختلفة، فضلا عن وسائل الإعلام العمومي السمعي البصري التي “تجرأ” بعضها هذه المرة على مطارحة للنقاش ملفا “أقام الدنيا وشغل الناس”، فجيء أيضا على سبيل السرعة بـ”محللين وخبراء” وبرلمانين سابقين وحالين.

وقد اختلفت الآراء في هذا السجال الذي غطى على العديد من القضايا التي تعاني منها البلاد، بين معارض يطالب بإلغاء معاشات البرلمانيين بالمرة، بدعوى أن العمل البرلماني في حقيقته يشكل انتدابا وواجبا وطنيا وليس وظيفة، وبين مساند لتدخل الحكومة العاجل من أجل إنقاذ صندوق معاش ممثلي الأمة من الإفلاس.

في مقابل هذا النقاش، كان هَمَّ السياسيين هو البحث عن تأمين معاشاتهم ووضعهم الاجتماعي، وقُدمت أربعة فرق برلمانية مقترحات مختلفة تتراوح بين إصلاح نظام المعاشات وإلغائه.

كما قال الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب يوم 18 فبراير 2019 خلال ندوة صحفية عقب نهاية دورة أكتوبر، “أن ملف تقاعد البرلمانيين له حساسيات خاصة، ولازال مفتوحا والنقاش مستمرا حوله بين مكونات المجلس”.

ورغم عدم برمجة المقترح الذي تم التوافق عليه في الجلسة العامة، صادق مجلس النواب على ميزانيته التي ضمنها في السطر 12 من ميزانية 2020، والمتعلق بمساهمة الدولة في تقاعد أعضاء مجلس النواب. بمبلغ قدره: 13 مليار 746 مليون سنتم.

وهذا السطر، كان مبوبا في ميزانيات البرلمان ابتداء من سنة 1993 إلى سنة 2016 تاريخ إفلاس صندوق التقاعد، وجاءت ميزانية 2017 و 2018 و2019 في السطر 12 بمبلغ: 0 درهم.

لقد كافح برلمانيونا من أجل تقاعدهم ونجحوا في ذلك، وكافحوا من أجل تأمينهم رفقة أزواجهم وأولادهم من المرض ونجحوا في ذلك أيضا، لكن السؤال هو هل حققوا ما انتخبوا من أجله؟ وحتى يتم الجواب عن هذا السؤال، يبقى الشعب يؤدي أجورهم وتقاعدهم وتأمينهم.

إن المغاربة يتحملون تكلفة البرلمان الباهظة والتي تشوبه الكثير من النواقص، ويكفي هنا أن أذكر بما قاله الملك الراحل الحسن الثاني في حديث صحفي لجريدة النهار اللبنانية في 20 يناير 1978، حيث قال: “إنه يتيح الفرصة للتعرف على الحاجيات من خلال التدخل والمناقشات البرلمانية، وأؤكد أن البرلمان هو مدرسة الشعب الديمقراطية والتعايش السياسي، فعندما يرى المواطنون على شاشة التلفزيون جلسات المجلس ويقرأون في الصحف المناقشات ويرون كيف يحاور البرلماني زميله معتمدا على الإقناع والحجة لا الإرهاب والتهريج فإن ذلك يعلم المغاربة التعايش السياسي والحوار الديمقراطي مهما اختلفت ميولهم السياسية”، أو حينما وصف البرلمان في خطاب آخر بالسيرك، مطالبا البرلمانيين بتحسين أساليب عملهم منهج الاضطلاع بمهمتهم والتخلي عن المهاترات، علما أن الموضوعية تقتضي عدم التعميم، لأن هناك برلمانيين في المستوى العالي، لكنهم مع الأسف الشديد يشكلون الاستثناء وليس القاعدة.

ويكفي أن أشير إلى أن هناك قوانين ذات بعد اجتماعي توجد في البرلمان منذ طويل، ولم تتم برمجتها للمناقشة والتصويت، في حين أن “معاشات البرلمانيين” وُضعت له ميزانية وتم التصويت عليها قبل المصادقة على القانون؟.

وبسلوكهم على هذا العمل من خلال تصويتهم على ذلك، عبرت الطبقة السياسية عن موقفها الغير التضامني مع المواطنين.

*عبد الحي بنيس: رئيس المركز المغربي لحفظ ذاكرة البرلمان.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق