حقائق مفزعة عن واقع المستشفيات الجامعية بالمغرب

24 يونيو 2019
حقائق مفزعة عن واقع المستشفيات الجامعية بالمغرب

الصٌَحافة _ جهان ستيتو من المغرب

يعتبر المستشفى الجامعي من المراكز الطبية الكبرى داخل أي دولة، وهو مستشفى ملحق بكلية الطب ومعاهد تكوين الممرضين وتقنيي الصحة وبعض الكليات العلوم والمختبرات. و في المستشفى الجامعي يمارس ما نستطيع أن نسميه ب”الطب الحقيقي ” (la vraie médecine).

تتكون أطر المستشفى الجامعي من أساتدة في الطب و أطباء مساعدين و أطباء مختصين و أطباء مقيمين و داخليين و طلبة و ممرضين و طاقم شبه طبي.

وتنشئُ المستشفيات الجامعية لغرض تقديم مجموعة من الخدمات، تعنى بمجال الصحة سواء من الناحية العلمية والعملية. ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر, تكوين طلبة الطب ليصبحوا أطباء عامين و متخصصين و أساتدة في الطب، و تكوين طلبة التمريض وطلبة تقنيي الصحة من ممرضين و متخصصين في التخدير و متخصصين في الترويض و آخرون ، وذلك على المستوى النظري والتطبيقي, بالإضافة إلى تقديمها -المستشفيات الجامعية- لخدمات طبية عالية الجودة للمرضى من تشخيص وعلاج وجراحة وتتبع (لا تستطيع أن تجدها حتى في أرقى المصحات الخاصة)، وتصلح أيضا لمجال البحث العلمي في الطب، والأدوية، والعلاجات، و الابتكارات و التجارب الطبية.

 المستشفيات الجامعية والخدمات الطبية الراقية

ويعد مستوى الخدمات الطبية والعلاجات التي تقدم في المستشفيات الجامعية من أرقى المستويات العلاجية في داخل أي بلد في العالم، مقارنة مع المستشفيات العادية والمصحات الخاصة، وذلك لما تتوفر عليه المستشفيات الجامعية من طاقم طبي وشبه طبي من متخصصين وممرضين بمستوى عالي، نوعا وكما، وأيضا لتوفرها على تجهيزات ومختبرات تعمل على تقديم تحاليل جد دقيقة ومرتفعة الثمن، لا يمكن أن تقدمها باقي المصحات والمختبرات العادية، سوآءا منها في مستشفيات الدولة أو في القطاع الخاص.

معضلة حقيقية تواجه المستشفيات الجامعية بالمغرب

يعتبر المغرب من البلدان الإفريقية التي تعاني نقصا كبيرا في عدد هذه المستشفيات الجامعية، فلو اعتبرنا ان تعداد ساكنة المغرب يبلغ أربعين مليون نسمة ومن الممكن أن يكون أكثر من ذلك، سنجد ان بلادنا لا تتوفر إلا على 5 كليات طب و5 مستشفيات جامعية، أي بمعدل ضعيف جدا (مستشفى جامعي لكل ثماني مليون نسمة قد نجد هذا الرقم في أفغانستان فقط!!)، حيث نجد إتنان من هذه المستشفيات الجامعية متوسطة الحجم ( في الرباط و الدار البيضاء) و ثلاثة صغيرة الحجم (في فاس، وجدة و مراكش) و هي عامة ضعيفة التجهيز والتأطير، وفيها نقص حتى في عدد الاختصاصات، وحتى إذا أردنا مقارنة بلادنا مع الدول الإفريقية جنوب الصحراء مثل غانا وسينغال سنجد أنفسنا متأخرين جدا نظرا لإهمال الحكومي للقطاع الصحة ، فمنذ 1976 إلى 2003 لم يبنى ولو مستشفى جامعي واحد.

أما مقارنتا مع دول الجوار مثل الجزائر وتونس فحدث ولا حرج، فلا يمكن أن ننافسهما لا في عدد المستشفيات الجامعية (تونس تتوفر على 13 مستشفى جامعي في العاصمة فقط و20 مستشفى جامعي في تونس كلها) ولا في عدد الأساتدة و الأطباء والممرضين، ولا في عدد سيارات الإسعاف،ولا في التخصصات والمختبرات ناهيك عن عدد الأطروحات والمقالات العلمية،والأهم جودة الخدمات الصحية وعدد الأسِرة (les lits).

 برنامج تحدي الألفية

ومع انطلاق المبادرة الحكومية (المفروضة و الممولة من طرف “برنامج تحدي الألفية” لتكوين 3300 طبيب سنويا، ابتداء من سنة 2009، للوصول إلى 10 أطباء لكل 10 آلاف نسمة في أفق 2020، علما أن منظمة الصحة العالمية توصي بمعدل 23 طبيب لكل 10 آلاف نسمة كأدنى حد.

يحق لنا التساؤل لماذا بعد عشر سنوات (2009-2019) على انطلاق البرنامج، لم يتحسن معدل “الأطباء لكل 10 آلاف نسمة”، سوى من 5.6 طبيب لكل 10 آلاف مغربي سنة 2009 إلى 7.1 في 2018 ، علما أن 7000 طبيب هاجروا/فروا إلى أوروبا و بالتالي رقم 7.1 طبيب لكل 10 آلاف مغربي سنة 2018 ليس صحيحا و لا واقعيا.

البرنامج أهمل الجوانب البيداغوجية والتنظيمية للرفع من جودة وفعالية التكوين الطبي، لأنه لم يهتم بانشاء مستشفيات جامعية جديدة، و البرنامج فاقد لأي استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الصحية المتزايدة للمواطنين والتغيرات الديموغرافية والإبيديمولوجية ومستلزمات التطور السريع للعلوم الطبية .

ومع تبني المغرب لمشروع الجهوية الموسعة، نجد ان كثير من الجهات ذات الامتداد الجغرافي الشاسع والساكنة المهمة، تفتقد لحضور مستشفى جامعي يلبي احتياجات هذه الساكنة في مختلف التخصصات، ويلبي رغبات أبناء هذه المنطقة في إتمام دراستهم بمجال الطب… فأنا أجد عيب أن مدن صغير في تونس كمنزل بورقيبة و المهدية و أخريات لا يتعدى تعدادها السكني ال 50000 نسمة تحتوي على مستشفى جامعي، و مدن تعداد سكانها بين ال 100000 و مليون نسمة كأكادير، طنجة، مكناس ، القنيطرة، تطوان، الرشيدية، آسفي، المحمدية، العيون، خريبكة، بني ملال، الجديدة، تازة، الناظور، سطات، الحسيمة، القصر الكبير و العرائش لا تتوفر على مستشفى جامعي .

مع كل هذا نتمنى من مسيري البلاد أن يقتنعوا بالنهوض بهذا القطاع الحيوي، لأنه بدون مستشفى جامعي لا مجال لتنمية السياحة والصناعة والحضارة،وأي وباء لا قدر الله قد يعصف بكل الانجازات الأخرى. فكما أعلن المغرب عن الحاق الطرق السيارة بكل المدن التي يصل تعدادها الى 400000 نسمة، أنا أقترح كمرحلة أولى تشييد مستشفى جامعي في كل مدينة تعدادها 100000 نسمة لكي نرقى إلى المستوى العالمي في الصحة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق