تفاصيل عفو مرتقب عن «مهربي الأموال» إلى الخارج!

14 نوفمبر 2019
تفاصيل عفو مرتقب عن «مهربي الأموال» إلى الخارج!

الصحافة _ وكالات

يتصاعد جدل بين سياسيين واقتصاديين في المغرب منذ ان أعلنت الحكومة عزمها إطلاق إجراءات تحفيزية لاستعادة الأموال المهربة إلى خارج المملكة بطريقة غير شرعية.

وهذه الإجراءات مُتَضَمَّنة في مشروع ميزانية عام 2020 التي يناقشه البرلمان حاليًا والذي يَنُصّ على «العفو عن أصحاب الأموال الخارجة من البلاد بطريقة غير شرعية، وإعفائهم من الغرامات، حال إعادة أموالهم إلى البلاد، خلال مهلة زمنية» تمتد لشهور.

وتقول السلطات المغربية ان الأمر يتعلق بـ «الأموال والعقارات الموجودة خارج الممكلة، ويمتلكها مواطنون مقيمون في المغرب، واكتسبوها بطرق مشروعة، لكنهم خالفوا قوانين الصرف بالبلد، ولم يصرحوا بعمليات نقل أموالهم إلى خارج البلاد».

ويمنح العفو المقترح المعنيين مهلة بين الأول من يناير/كانون ثاني و31 أكتوبر/تشرين أول 2020 للتصريح بالأموال وإرجاعها.
ويُعفى المستفيد من دفع الرسوم على دخول الأموال بنسبة 5%، في حال أودع 75% من أمواله في حساب بالعملة الصعبة (نقد أجنبي)، و25% بالدرهم المغربي، ويستفيد من يختار تحويلها إلى الدرهم من إعفاء من الرسوم بنسبة أكبر.

ووفق المهدي فقير، الخبير الاقتصادي المغربي، فإن «الحديث عن مهربي الأموال هو وصف غير دقيق…فنحن لسنا بصدد عملية العفو عن مهربي الأموال، والقول بذلك يوحي وكأن الدولة تشجع التهريب».

ويتابع «إننا أمام حالات لأشخاص يملكون عقارات أو أموال سائلة، لكنها في وضعية غير قانونية يجب تسويتها، فتلك الأموال تم تحويلها بطريقة غير قانونية».

قال نوفل الناصري، وهو خبير اقتصادي متخصص في السياسات العامة، في مقابلة ان «مكتب الصرف (حكومي) أطلق مؤخرًا بحثًا موسعًا لجرد المقتنيات العقارية الموجود خارج الحدود بطريقة غير قانونية من طرف مغاربة لهم إقامة ضريبية في المغرب».

وحسب الناصري، وهو عضو في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، فإن «المعطيات تفيد بأنه بين سنتي 2014 و2019 تمت دراسة 600 ملف، للحصول على أصل (عقار) خارج البلاد، بطريقة غير قانونية».

ويضيف «قانون الصرف واضح في البلد، إذ يعتبر اقتناء أشخاص مقيمين في المغرب لأملاك غير منقولة بالخارج من دون موافقة مسبقة، مخالفة قانونية تتطلب دفع غرامات يمكن أن تبلغ ستة أضعاف قيمة العقار».

وقول أيضا «الإعفاء المقترح يمثل الفرصة الأخيرة للمغاربة الذين خالفوا القانون، فبفضل آليات تبادل المعلومات المنصوص عليها في اتفاقيات التعاون الإقليمي والدولي، سنصبح بعد سنة وبضعة أشهر أمام وضع جديد».

وأضاف «المغرب وقع عام 2013 اتفاقية للتعاون تشمل 36 دولة، وأصبح البلد يتوفر على وسائل أكثر لمراقبة ورصد عملية الحصول على أصول مالية وعقارية».

وقال أيضا «الإجراء الجديد يعطي الثقة للمُلزَمين، ويمنحهم الفرصة الأخيرة، علمًا أنه لا يشمل أفراد الجالية المغربية المقيمة في الخارج».

وأضاف ان «المغرب مستعد للتلاؤم مع الاتفاقيات الدولية، والانخراط في مسار ضمان شفافية انتقال رؤوس الأموال، وتطبيق قواعد الشفافية الدولية…نحن أمام الفرصة الأخيرة لمن اكتسبوا أموالًا أو ممتلكات في الخارج، أو أخرجوها من المغرب، دون التصريح لدى سلطات البلد المختصة».

في المقابل انتقدت رفيعة المنصوري، العضو في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في مجلس النواب، العفو المقترح بقولها «في كل دول العالم يُتخذ إجراء العفو مرة في 15 أو 20 سنة، لكن عندنا تمت العملية الأولى للعفو عن مهربي الأموال سنة 2014 فقط».
وأضافت رفيعة، وهي منتمية لكتلة حزب الاستقلال المعارضة «الحقيقة أن الحكومة لديها عجز في الميزانية، وهاجسها اليوم هو تحقيق التوازن في الميزانية العامة، بغض النظر عن الوسيلة التي تعتمدها».

وتابعت «ككتلة برلمانية معارضة نتساءل: من المستفيد من العفو؟ هل يستفيد أيضًا مهربو المال العام؟».

وقالت أيضا «لا يجب أن نغفل أان فئات أخرى يمكنها أن تستفيد، لدينا تجار مخدرات يهربون أموالهم إلى الخارج». وتساءلت «هل تتصالح الحكومة مع مهربي المال العام وتجار المخدرات؟ بينما هم من يتسببون في تراكم عجز الميزانية العامة».

ورغم تأييد الناصري لقانون العفو، فإنه يتفق مع رفيعة المنصوري في بعض مخاوفها، ويقول «على الدولة ان لا تمنح الفرصة لمن لهم طابع إجرامي». ويضيف ان «العفو يجب أن يشمل المواطنين العاديين الذي ارتكبوا المخالفة دون أن يكونوا في وضع إجرامي»، ويدعو إلى «تمكين المغاربة من إنشاء حسابات بالعملة الصعبة في البنوك المغربية».

يذكر ان عملية العفو الأولى عن مهربي الأموال، عام 2014، مكَّنت المغرب من استعادة نحو 27.8 مليار درهم (3 مليارات دولار) خلال العام ذاته.

وانقسمت هذه الأموال، حسب بيانات الحكومة، بين سيولة نقدية تبلغ 8.5 مليار درهم (923 مليون دولار)، وممتلكات عقارية بـ9.5 مليار درهم (1.03 مليار دولار)، واستثمارات مالية (أسهم وسندات) نحو 9.8 مليار درهم (1.06 مليار دولار).

وآنذاك كانت الغرامات على تهريب الأموال خارج المغرب تعادل ستة أضعاف المبلغ الذي يتم تهريبه، إضافة إلى عقوبة الحبس بين شهر وخمس سنوات، في حال إحالة الملف إلى القضاء.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق