تزايد «هجرة الأدمغة المُترفة» من المغرب سعيا وراء حياة أفضل وليس فقط المال

9 نوفمبر 2019
تزايد «هجرة الأدمغة المُترفة» من المغرب سعيا وراء حياة أفضل وليس فقط المال

الصحافة _ وكالات

فضلت صوفيا ترك وظيفتها المريحة في الدار البيضاء «لتبدأ من الصفر» في كندا، شأنها في ذلك شأن الكثير من الكوادر المغربية التي تختار بشكل متزايد مغادرة المغرب سعيا وراء «حياة أفضل».

ويقول أمين زروق، نائب رئيس جمعية لمهنيي تكنولوجيا المعلومات، بأسف شديد «تزايد أعداد المغادرين من بين الكوادر المجربة الذين كانوا يديرون مشاريع كبيرة»، ما يطرح «صعوبات» أمام المقاولات المغربية.

وغادر ما بين 8 آلاف و12 ألف مغربي من الكوادر المؤهلة ورجال ونساء الأعمال البلاد سنة 2018، حسب تقديرات وسائل الإعلام المحلية التي تدق ناقوس الخطر إزاء «نزيف هجرة الأدمغة».

وتختلف هذه الهجرة «المترفة» عن تلك التي يلجأ إليها الكثير من الشباب المغاربة الذين يركبون «قوارب الموت» أملا في الحصول على عمل أو تحسين أوضاعهم المعيشية في «الفردوس الأوروبي» عبر السواحل الإسبانية.

ويصعب قياس حجم هجرة الكوادر من ذوي الوظائف والأوضاع الاجتماعية المريحة نظرا لغياب معطيات رسمية، لكن الكثير من الشهادات تدل على حدوثها.

وتوضح صوفيا (إسم مستعار) أنها «مستعدة لتمارس وظيفة أقل من مؤهلاتها» في كندا. وتضيف هذه الأربعينية والأم لطفلين «صحيح أن الترقي المهني أمر مهم جدا لكن هل يكفي لتحقيق السعادة؟».

ويستطيع الكوادر ومسيرو المقاولات أن يحصلوا في المغرب على أجور قربية من تلك التي يمكنهم تحصيلها في أوروبا، لكن الاعتبارات المادية ليست الحافز الأساسي الذي يجعلهم يختارون الهجرة.

وأظهر استبيان أجراه الموقع المتخصص في نشر إعلانات التوظيف «روكروت» سنة 2018 أن 91 في المئة من المستجوبين يُفضلون العمل في الخارج، وشمل الاستبيان 1800 شخص حاصلين على شهادات جامعية.

وتقول مديرة الموقع ألكساندرا مونتان «عندما طرحنا السؤال حول سبب هذا الاختيار كان الجواب يتمثل في البحث عن حياة أفضل وليس أجر أعلى».

ويستطرد مدير جامعة «أوروميد» الخاصة في فاس (وسط) مصطفى بوسمينة «الذين يغادرون يفعلون ذلك بالأساس سعيا وراء حياة أفضل ومستوى تعليمي أفضل للأبناء ونظام صحي أكثر جودة».

ولهذه الاعتبارات تحديداً اختار المهندس رضى (33 عاما) الرحيل إلى تورنتو الكندية أملا في «مسار مهني أكثر استقرارا والاستفادة من تعليم وخدمات صحية أكثر جودة ومجانية»، بينما كان يدير حتى السنة الماضية وحدة لتخزين الفواكه جنوب المغرب.

وترهق مصاريف التعليم والتطبيب جيوب الطبقة الوسطى في المغرب، نظرا لكونها تفضل تعليم أبنائها في مدارس خصوصية مُكلفة، بسبب مستوى التعليم العمومي الذي يعتبر متدنيا، كما هو شأن الخدمات الصحية في المستشفيات العمومية. ونبه تقرير أصدره «الإئتلاف المغربي من أجل تعليم للجميع» إلى ان «حجم المُقبلين على التعليم الخصوصي في المستوى الابتدائي تضاعف ثلاث مرات في 15 سنة».

ويشير صحافي مغربي، يُحَضِّر هو الآخر مشروعا للهجرة، إلى معطى آخر يتمثل في «التطلع إلى حرية أوسع ومستوى أكبر من الاندماج الاجتماعي وتملك للفضاء العمومي». ويستطرد في نفس السياق موضحا أنه اختار «ترك عمل أحبه هربا من مختلف أشكال القمع والظلم في بلادي».

واعتبر موقع «لو360»، في واحدة من المقالات الكثيرة التي تطرقت إلى هذا الموضوع، ان الرغبة في الهجرة لدى هذه الفئة من الكوادر تجد أسبابها أيضا في «غياب مظاهر التحضر، والصعوبات الإدارية»، فضلا عن المد المحافظ في المجتمع مقابل تراجع مستوى التعليم و»خصوصا القوانين التي تجرم الحريات الفردية وتعاقب عليها».

ويتمثل الوجه الآخر للعملة في نزيف اليد العاملة المؤهلة خصوصا في قطاع التكنولوجيا الرقمية، كما تشير إلى ذلك سلوى بلقزيز، رئيسة جمعية مهنيي هذا القطاع، التي تضيف «إنها مشكلة كبيرة فمعدل تجدد المستخدمين في القطاع لا يتجاوز 20 في المئة».

ويفضل أغلب المهاجرين من الكوادر المغربية، وخصوصا منهم المهندسين، الاستقرار في فرنسا أو المقاطعات الفرنكفونية في كندا نظرا لإتقانهم اللغة الفرنسية، حسب بلقزيز التي تضيف «لا يمكننا منعهم من المغادرة، يلزمنا تطوير التدريب والتأهيل» لسد النزيف.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق