تحقيق: مضى عام على مقتل خاشقجي وولي العهد السعودي يقر بمسؤوليته

29 سبتمبر 2019
تحقيق: مضى عام على مقتل خاشقجي وولي العهد السعودي يقر بمسؤوليته

الصحافىة _ وكالات

بعد أسابيع قليلة من جريمة مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة اسطنبول التركية في الثاني من تشرين أول/أكتوبر عام 2018، لم يعبأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بما أثارته الجريمة من غضب على المستوى العالمي، وذهب ليشارك في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الأرجنتين، نهاية تشرين ثان/نوفمبر.

وسطع نجم الأمير في دائرة الضوء بالعاصمة الأرجنتينية بوينس أيريس وسط كوكبة من زعماء العالم، وبينهم الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين. وعقب القمة مباشرة،، قام بن سلمان بجولة في المغرب العربي شملت تونس وموريتانيا والجزائر.

وعلى مدار العام الماضي، حرِصَ ولي العهد السعودي الذي يبلغ من العمر 34 عاما، على أن يُظهِرَ أن تبعات جريمة مقتل خاشقجي لم تجعل منه شخصا منبوذا على المستوى الدولي، فلم يتغيب الأمير عن أي حدث رئيسي عقد داخل المملكة أو خارجها.

ولكن الأمير لم يذهب إلى الولايات المتحدة، الحليف القوي لبلاده، أو إلى أي من دول أوروبا.

وكان خاشقجي، صاحب العمود في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، معارضا ومنتقدا قويا لبن سلمان.

وتقول تركيا ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) وحكومات غربية إن الأمر بقتل خاشقجي لم يكن ليصدر إلا عن أعلى مستويات السلطة داخل النظام السعودي. ولطالما نفى المسؤولون في الرياض أي دور للأمير في الجريمة.

والتزم الأمير الصمت بشأن الحديث عن خاشقجي، ولكنه تعهد بالتحقيق في الجريمة، وجرى طرد عدد من المسؤولين الكبار في المملكة من مناصبهم، وبينهم اثنان من الدائرة المقربة من بن سلمان، لصلتهم بالجريمة.

ونسبت شبكة “بي بي إس” الإخبارية الأمريكية للأمير قوله في فيلم وثائقي إنه يتحمل مسؤولية مقتل خاشقجي لأنها وقعت وهو في موقع السلطة.

ويقول الأمير في الوثائقي الذي تبثه “بي بي إس” بعد غد الثلاثاء، عشية الذكرى الأولى للجريمة: “أتحمل المسؤولية كاملة، لأنها (الجريمة) حدثت في عهدي”.

وفي كانون ثان/ديسمبر عام 2018، أعلنت “بي بي إس” إن مراسلها تعقب ولي العهد في سباق للسيارات الكهربائية أقيم خارج العاصمة السعودية الرياض، وسأله كيف لجريمة مثل مقتل خاشقجي أن تحدث دون علمه، ليرد الأمير: “لدينا 20 مليون نسمة. ولدينا ثلاثة ملايين موظف حكومي.”

وفي حزيران/يونيو الماضي، خلُصت محققة الأمم المتحدة أجنس كالامارد في تقرير بعد ستة أشهر من التحقيقات إلى أن جريمة خاشقجي “كانت عملية إعدام خارج نطاق القانون، واختفاء قسري، وربما عملية تعذيب، وتتحمل مسؤوليتها الدولة السعودية”.

كما أكدت كالامارد الحاجة إلى إجراء مزيد من التحقيقات بشأن المسؤولية الشخصية لمسؤولين سعوديين عن الجريمة، وبينهم ولي العهد السعودي.

وفي نفس الشهر، مثل الأمير بلاده مرة أخرى في قمة العشرين التي عقدت باليابان، حيث وصفه الرئيس الأمريكي بـ “صديقي” وأثنى على جهوده في تحديث المجتمع السعودي المحافظ للغاية.

وانتقدت كالامارد بقوة الصورة التي جمعت زعماء مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية، والتي احتل بن سلمان مركز صدارة فيها، وهو يبتسم ويصافح ترامب.

وقالت المحققة الأممية أمام فعالية في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الخميس الماضي، إنها “صورة مخزية لإمبراطورنا العاري، والأباطرة الصامتين المحتملين”، مضيفة أن قمة أوساكا أعطت “شرعية كاملة لمن لا شرعية له. إن هذا لا يعني فحسب تسامحا مع القتل، بل والقتلة أيضا، ويحتضنهم”.

ومن المقرر عقد قمة العشرين القادمة في العاصمة السعودية الرياض في تشرين ثان/نوفمبر .2020

واتُخِذَ قرار عقد القمة في السعودية قبل جريمة قتل خاشقجي، ولكن كالامارد قالت: “قد تقترب قمة الرياض 2020 للغاية من أن تشكل كارثة للقيم الرئيسية التي أُسِسَتْ عليها بلادنا”، ودعت إلى نقل الحدث إلى دولة أخرى.

ويواصل ولي العهد السعودي استقبال الشخصيات العالمية البارزة التي تزور المملكة، والتي كان آخرها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ورئيس وزراء باكستان عمران خان.

ووفقا لمراقبين، يبدو أن ولي العهد السعودي قد نجح في أن يتفادى العاصفة التي اجتاحت العالم عقب اغتيال خاشقجي.

وقال ستيفن بومبر، كبير مديري السياسات بمجموعة الأزمات الدولية، وهي مركز أبحاث مقره العاصمة البلجيكية بروكسل: “ربما قد مضى الأسوأ بالنسبة لولي العهد.”

وأضاف بومبر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): “في السياسة الأمريكية، تميل الشدة إلى أن تتضاءل بمرور الوقت. يمكن للكونجرس فحسب الحفاظ على التركيز لفترة طويلة، وكانت إدارة ترامب عازمة دوما على وضع هذه القضية (مقتل خاشقجي) خلف ظهرها.”

ومنذ تنصيبه وليا للعهد في عام 2017، جرى رسم صورة للأمير على أنه صانع التغيير، حيث قاد عملية إجراء تغييرات جذرية وغير مسبوقة، وبينها السماح للنساء بقيادة السيارات في البلاد، ولأول مرة.

وتضررت صورة الأمير كمصلح كثيرا نتيجة لمقتل خاشقجي، وفقا لما ذكره بومبر، الذي عمل مديرا بإدارة حقوق الإنسان في مجلس الأمن الوطني بالولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

وقال بومبر: “تبدد بوضوح أي أمل كان لديه في أن يسوق نفسه على أنه مصلح صاحب رؤية، وهناك مجموعة من الناس، خاصة أصدقاء وزملاء مقربين من خاشقجي، لا يعتقدون أن العدالة قد أخذت مجراها، ولن ينسوا ما جرى، وسيعملون على ألا ينسى صانعو السياسات أو العامة ذلك.”

كما خضع الملف السعودي في مجال حقوق الانسان إلى عملية تدقيق العام الماضي عندما جرى اعتقال مجموعة من النساء، قالت جماعات حقوقية إنهن تعرضن للتعذيب. ونفت الرياض ذلك بقوة.

وبعد حوالي ثلاثة أسابيع من النفي، وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على المملكة، أقرت الرياض أخيرا بأن خاشقجي قتل داخل قنصلية المملكة في إسطنبول.

وقال النائب العام السعودي آنذاك إن ما جرى لخاشقجي كان جريمة قتل متعمدة “مع سبق الإصرار والترصد”، وطالب بتوقيع عقوبة الإعدام بحق 11 سعوديا تورطوا في الجريمة.

ورغم ذلك، لم تكشف الرياض النقاب عن هوية الأحد عشر مشتبها بهم، أو طبيعة الاتهامات المنسوبة إليهم، وسط تساؤلات تُشكِك في نزاهة المحاكمة “السرية” التي انطلقت في كانون ثان/يناير الماضي.

ولطالما رفضت المملكة بقوة دعوات بإجراء تحقيق دولي أو محاكمة علنية في الجريمة.

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في حزيران/يونيو الماضي: “نؤكد أن سيادة المملكة وولاية مؤسساتها العدلية على هذه القضية أمر لا مساومة فيه.”

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق