المرجعية الدستورية/مشروع “سري” وظرفية صعبة/ شيك على بياض/ تفاوت العقوبة والجريمة.. الوزير الرميد الرميد يترافع ضد قانون “تكميم الأفواه” ويحذر من استغلال كورونا

28 أبريل 2020
المرجعية الدستورية/مشروع “سري” وظرفية صعبة/ شيك على بياض/ تفاوت العقوبة والجريمة.. الوزير الرميد الرميد يترافع ضد قانون “تكميم الأفواه” ويحذر من استغلال كورونا

الصحافة _ لمياء أكني

رفع وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، المصطفى الرميد، إلى رئيس الحكومة مذكرة تتضمن ملاحظاته تتعلق بمشروع القانون رقم 22.02 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البت المفتوح والشبكات المماثلة، والذي صادق عليه مجلس الحكومة بتاريخ 19 مارس الماضي.

وأحال الأمين العام للحكومة، المذكرة على رئيس الحكومة حيث من المنتظر أن يتم عرضها على اللجنة التقنية قصد دراستها في أفق عقد اللجنة الوزارية تبعا لقرار مجلس الحكومة.

المرجعية الدستورية

أكد مصطفى الرميد، في مرافعته أن الفصل 25 من الدستور ينص على أن “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها، حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة”، مضيفا أن الفصل 28 كذلك ينص على أن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة، تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به”.

كما استند وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان في مذكرته، على المرجعية الدولية لحقوق الإنسان وما تضمنه مختلق القوانين الدولية والمواثيق التي صادقت عليها المملكة المغربية، والتي ترتكز أساسا على ما ورد في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي وضعت الإطار العام لممارسة حرية الرأي وحرية التعبير بمختلف الوسائل، بما فيها استعمال شبكات التواصل الاجتماعي والبث المفتوح، وهو ما أكدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 68/167 ومجلس حقوق الإنسان في قراريه 26/13 و32/13، عندما اعتبر أن حرية التعبير والحقوق الأخرى تنطبق على شبكة الأنترنت.

مشروع “سري” وظرفية صعبة

يشير المسؤول الحكومي، إلى أن الوضع الصعب الذي تجتازه البلاد، يتطلب وحدة الصف واجتماع الكلمة، وتعبئة طاقات الأمة وراء مؤسسات البلاد بمعنويات مرتفعة وحس وطني قوي، كما أنه وبالنظر إلى أن المرحلة التي نعيشها تعبأت فيها طاقات واسعة من المواطنين لمواجهة كل الأخبار الزائفة وكشفها والتنكير على أصحابها، الشيء الذي يبعث على عدم ملاءمة إصدار أي قانون يفضي إلى إضعاف ثقة الناس واجتماع كلمتهم، بل واعتبار أن الحكومة استغلت الظروف الصعبة التي تمر منها البلاد لتمرير قانون يقيد حرية التعبير والرأي.

ويرى الرميد أن المشروع إذا استثنى في المادة 4 الإصدارات الإلكترونية التي تهم الصحفيين فإنه سيؤدي إلى مفارقة غير مقبولة، وتتجسد بحسبه، في أن الفعل الواحد الذي يأتيه شخصان، سيخضع أحدهما لقانون الصحافة بما تضمنه من ضمانات على خلاف الشخص الآخر الذي سيخضع لهذا القانون، كما أن التمايز سيكون أيضا على مستوى العقوبات، بين عقوبات مخففة في قانون الصحافة، وعقوبات مشددة في هذا المشروع، وهو ما لا يستساغ طبقا لم نص عليه الدستور في الفصل السادس.

ولفت الوزير في المذكرة ذاتها، الانتباه إلى أن الاعتماد على صيغة الإدارة أو الهيئة المعينة المكلفة بالإشراف على ضبط الخدمات المقدمة من طرف شبكات التواصل الاجتماعي في المواد 5 و6 7 وما بعد لم يحدد ماهيتها وكيفية تشكيلها ونصها القانوني المرجعي، وهو ما يفيد أن الحكومة لا تملك تصورا عن الجهة التي ستقوم بهذه المهمة الأساسية، مما يتعين معه إنجاز تصور واضح في الموضوع لرفع هذا الغموض.

شيك على بياض

أشارت المذكرة ذاتها، إلى أن الهيئات المعنية بالضبط لا يمكنها أن تختص بالإشراف على الخدمات المقدمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، موضحا أن الإشراف يتم من قبل هيئات خارج المغرب ولهذا ينبغي أن تقتصر مهامها على الضبط الداخلي وتتبع استخدام الخدمات المقدمة.

ويورد الرميد، أن ما تضمنته الفقرة 6 من المادة 8 بخصوص “الاستجابة الفورية لكل طلب تقدمت به الإدارة أو الهيئة المعينة يرمي حذف أو حظر أو توقيف أي محتوى إلكتروني غير مشروع”، مضيفا أن الفقرة 03، التي ورد فيها “حذف أو حظر كل محتوى إلكتروني …..وذلك داخل أجل 24 ساعة من تاريخ تلقي الشكاية”، لم تحدد مصدر الشكاية هل الإدارة أو الأغيار؟

ولفت الوزير، أن الفقرة 6 من المادة 8 والتي تنص على الاستجابة الفورية لكل طلب تقدمت به الجهات الفضائية أو الأمنية، يجعل الباب مفتوحا على نطاق واسع لممارسة صلاحيات خارج الرقابة القضائية، حيث اقترح تعويض الجهات القضائية أو الأمنية بعبارة الجهات القضائية والجهات الأمنية التي تعمل تحت رقابتها.

كما أن تضمنته الفقرة 2 من المادة 8 من مقتضى يعطي لمزودي الخدمة سلطة التحقق من عدم مشروعية محتوى معين وحذفه أو توقيفه أو تعطيل الوصول إليه يفتح الباب أمام المزودين لإعمال سلطات واسعة كان ينبغي ألا تكون إلا للقضاء. وهنا يمكن الإكتفاء بالتوقيف المؤقت إلى حين بت القضاء في الموضوع. كما أن ما ورد في هذه المادة بخصوص “الاستجابة الفورية لكل طلب تقدمت به الإدارة أو الهيئة المعنية يرمي إلى حذف أو حظر أو توقيف أي محتوى الكتروني غير مشروع”. لا يتيح للمزودين إمكانية التحقق مما إذا كان المحتوى غير مشروع أو الاعتراض على ذلك، مما يفتح الباب لممارسة سلطات تقديرية واسعة للإدارة قد تكون مشوبة بالتعسف والشطط.

واقترح الرميد في المذكرة ذاتها، إضافة فقرة في المادة 8 تنص على أن “يتم بشكل فوري من طرف المزودين حذف أو حظر أو توقيف أو تعطيل الوصول إلى محتوى إلكتروني غير مشروع صدر شأنه حكم قضى بذلك”، وذلك بالنظر للمخاطر والأضرار الكبيرة التي تخلفها هذه الوسائط.

عقوبة المقاطعة أشد من عقوبة التحريض على ارتكاب جناية

لاحظ الوزير، أن المادة 17 تعاقب على الدعوة إلى مقاطعة المنتجات والسلع بعقوبة تتراوح بين 6 أشهر و3 سنوات في حين أن المادة 15 عاقبت على التحريض على ارتكاب الجنايات والجنح بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 299-1 من القانون الجنائي، والتي حددت العقوبة ما بين 03 أشهر وسنة.

وتساءل الرميد في مذكرته، في هذا الصدد، عما إذا كانت الدعوة إلى مقاطعة المنتجات أكثر من خطورة التحريض على ارتكاب جناية؟

واقترحت المذكرة مراجعة حدي العقوبة بتقليصها، كما اقترحت، على مستوى التجريم، أن يبقى في حدود إعاقة الممارسة الاقتصادية للنشاط الاقتصادي تماشيا مع فلسفة القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة ولا سيما ما ورد في المواد 6 و 75 و76 لتكون الصيغة كالتالي: ” يعاقب بالحبس .. (تقليص العقوبة) .. أو الشبكات المماثلة بالتحريض أو توجيه دعوات إلى العموم ترمي إلى إعاقة الممارسة العادية للنشاط الاقتصادي أو التأثير على حرية الأسعار والمنافسة”. كما هو معمول به في قوانين مقارنة ( المادة 225.2 من القانون الجنائي الفرنسي).

الأخبار الزائفة

اعتبر الرميد، أن مقتضيات المواد 19 و 20 و21 و22 تنص على تجريم نشر وتقاسم وترويج محتوى إلكتروني يتضمن أخبارا زائفة ومعاقبة الجميع بعقوبة واحدة، دون التمييز بين الناشر والمتقاسم والمروج ودون اعتبار لعنصر سوى النية من عدمه، فيه تسوية غير مستساغة لأفعال متباينة ومختلفة، فليس من صنع خبر زائفا عن سوء نية، كمن تلقاه وتقاسمه لحسن نية.

وشدد المسؤول الحكومي، على ضرورة التمييز، بالنسبة للخبر الزائف، بين من مختلقه ومصنعه من جهة، وبين من ينشره أو يروجه أو يتقاسمه بسوء نية (أي مع علمه بأنه خبر كاذب)، ولكنه يساهم في توزيعه للغايات المشار إليها في مقتضيات المشروع، من جهة ثانية، وهذان الصنفان معا يستحقان العقوبات المقترحة لهما، فإن من يعمل على تقاسم الخبر بحسن نية (أي دون علمه بأنه كاذب ومختلف)، أو لغاية الإخبار به فقط، لا ينبغي أن يعاقب لأنه ضحية للتضليل والاختلاق المقترف من طرف آخرين بسوء نية.

وتنطبق الملاحظة السابقة كذلك على المادتين 25 و26، واللتين قد تحولان دون التبليغ عن الاعتداءات على أشخاص أو على قاصرين.

ولاحظ كذلك، أن المادة 19 من المشروع التي تهم تجريم الأخبار الزائفة تعاقب على ذلك بالحبس من 3 أشهر إلى سنتين وغرامة من 1000 الى 5000 درهم أو إحدى هاتين العقوبتين بمجرد النشر، أما إذا أخل الخبر بالنظام العام أو أثار الفزع بين الناس فإن العقوبة تكون مضاعفة. في حين يكتفي الفصل 72 من قانون الصحافة، تضيف المذكرة، بعقوبة الغرامة التي تتراوح بين 20000 و 200000 درهم دون عقوبة الحبس، ويشترط لقيام الجريمة عنصر سوء النية، ويجعلها عفوية شاملة للحالتين المشار إليها أعلاه في المادة 19 من المشروع.

ويرى المسؤول ذاته، أن من شأن إقرار قانونين بعقوبتين مختلفتين لأفعال إجرامية واحدة بناء على التمييز بين المواطنين على أساس الانتماء إلى فئة الصحافة من عدمه أن بجسد خرقا واضحا للدستور في نصه عليه في الفصل 6 الذي ينص على أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتبارين، بما فيهم السلطات العمومية ، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له”.

تفاوت العقوبة والجريمة

خلصت الوثيقة، إلى أن هناك مواد نصت على عقوبات معتدلة بشأن قضايا جد خطيرة، وقد كان يجب أن يضاف إلى النص تعبير: “دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد”، وذلك لتلافي التناقض مع نصوص أخرى يعمل بها حاليا، ومثال ذلك المادة 16 المتعلقة بنشر طريقة صناعة السموم والأسلحة البيولوجية والمتفجرات ومعدات التدمير ، والتي يمكن أن تكون بمثابة مشاركة في جرائم القتل العمد والجرائم الإرهابية، والتي يعاقب عليها بالإعدام في القانون الجنائي، في حين أن العقوبة المقررة لها في المشروع جنحية فقط، وكذلك المادة 28 المتعلقة بوضع أو نشر أو تقاسم أو ترویج محتوى أو رابط إلكتروني يتضمن تحريضا للقاصرين على المشاركة في ألعاب خطيرة تعرضهم لجروح أو عاهة مستديمة، والتي اقترحت لها عقوبة جنحية مخففة، أو تعرضهم للوفاة، والتي اقترحت لها عقوبة السجن من 5 إلى 10 سنوات”.

واستغرب الرميد، من أن يعد التحريض على القتل أو العنف بمثابة مشاركة في فعل العنف أو القتل ويعاقب بالعفوية المقررة للفاعل الأصلي، وتنطبق هذه الملاحظة كذلك على المادة 26.

وسجلت مذكرة وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان حول قانون استعمال شبكات التواصل الاجتماعي، أن المادة 25 من المشروع التي تجرم نشر أو تقاسم أو ترویج محتوى إلكتروني يتضمن عنفا أو اعتداء جسديا على شخص، قد يفهم منها أن الغاية هي التستر على التجاوزات في حق المواطنين من قبل القائمين على إنفاذ القانون وتأمينهم للإفلات من العقاب، مقترحا بذلك تعديل هذه المادة وقصرها على الاعتداءات ذات الطبيعة الإرهابية والجرائم الفظيعة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق