الحِراكات المغاربية.. نيران اشتعلت وأخرى تتّقد تحت الرماد

2 مارس 2020
الحِراكات المغاربية.. نيران اشتعلت وأخرى تتّقد تحت الرماد

الصحافة _ وكالات

يؤكد حقوقيون مغاربيون أن الحراكات والاحتجاجات التي شهدتها وتشهدها المنطقة “جاءت نتيجة تراكمات دفعت الكثيرين إلى الخروج مطالبين بالتنمية والديمقراطية والعيش الكريم”، بدءا بالثورة التونسية، مرورا باحتجاجات حركة 20 فبراير المغربية، ووصولا إلى الحراك الجزائري الذي أطفأ شمعته الأولى قبل أيام.

ورغم أنهم يرصدون عدة مكتسبات لتلك الحراكات، إلا أن المتحدثين ينبهون، خلال مداخلاتهم في ندوة “نضال الشعوب المغاربية من أجل الديمقراطية والتنمية، المآل والآمال” التي نظمتها “التنسيقية المغاربية لحقوق الإنسان”، مساء السبت بالعاصمة المغربية الرباط، إلى “التحديات التي ما تزال مطروحة في ظل استمرار العديد من المطالب”.

تونس.. من “ديكاج” إلى “الشعب يريد”

البداية كانت من تونس قبل أزيد من تسع سنوات، حين اشتعلت ثورة طالت شرارتها العديد من البلدان الأخرى في إطار ما سُمي بـ”الربيع العربي”، وهي الثورة التي يوضح عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بشير العبيدي، أنها نتيجة “تراكمات تاريخية” بدأت منذ أواخر القرن التاسع عشر.

ويتوقف الحقوقي التونسي بالخصوص عند فترة الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، ويرصد بعض الانتهاكات في هذين العهدين اللذين وصفهما بـ”الديكتاتورية”.

تبعا لذلك، جاءت ثورة العاشر من ديسمبر 2010، والتي شهدت “انتعاشة للحريات” بحسب المتحدث الذي ساق عددا من الأمثلة من قبيل أن تونس اليوم لديها 214 حزبا سياسيا بدل 8 أحزاب فقط كانت في عهد بن علي.

ويتطرق العبيدي إلى ظروف وحيثيات انتخاب الرئيس الحالي، قيس سعيد، “بدون حزب سياسي، بدون أموال، وبدون أي إمكانيات حسب الظاهر”، وهو الأمر الذي أصبح يمثل وفقه “إمكانية تغيير وتحول آخر في تونس خاصة أنه هو والشباب الذي كان معه حملوا شعار ‘الشعب يريد’ “، ما يعني أن “الرئيس الجديد له تصور آخر للحكم والسلطة”.

ويضيف “إذا كان الحراك في تونس قد انطلق بشعار ‘ديكاج’ فقد وصل الآن إلى ‘الشعب يريد’ “، مردفا “ما زلنا لحد الآن نتلمس الطريق لتحقيق الانتقال الديمقراطي رغم المؤسسات الدستورية التي أقرها المجلس التأسيسي والتي أصبحت واقعا فعليا”.

المغرب.. نحو أشكال جديدة للاحتجاج

بعد ثورة تونس بوقت قصير وعلى غرار بلدان أخرى، شهد المغرب موجة من الاحتجاجات التي أطلقتها حركة 20 فبراير عام 2011.

وبعد مرور تسع سنوات على خروجها، فإن منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، عبد الإله بنعبد السلام، يؤكد أن “جذوة 20 فبراير ما زالت مشتعلة”، مستطردا “حتى وإن كانت قد خفتت فإن الروح التي بعثتها في الحركة الاحتجاجية والاجتماعية المغربية كانت جد مهمة”.

ويتابع بنعبد السلام مشددا على أن الحركة “حررت فئات واسعة من الشعب المغربي من اليأس والتردد في الدفاع عن حقها في العيش الكريم”، كما “لعبت دورا أساسيا في التقليل من منسوب الخوف لدى مختلف الفئات الاجتماعية”.

من جهة أخرى، وبقراءة الوضع الحالي، ينبه الحقوقي المغربي إلى أن “المقاربة الأمنية التي تسلكها الدولة في التعاطي مع حراك الريف ومناطق أخرى، ومع الصحافيين والمدونين والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان وما يصاحبها من اعتقالات وتعذيب ومحاكمات مفبركة والزج بمئات الشباب في السجون لا يمكن بتاتا أن يحد من الاحتجاجات”.

“بل إن سلوك الدولة”، يقول بنعبد السلام، سيؤدي إلى “زيادة حجم الهوة بين الدولة والمجتمع وسيدفع لا محالة بالحركات الاحتجاجية المطلبية إلى إبداع أشكال للدفاع عن مطالبها وحقوق المواطنات والمواطنين في العيش الكريم”.

الجزائر: عام على الحراك.. وأكثر

قبل أيام قليلة خلد الجزائريون الذكرى الأولى لانطلاق الحراك الشعبي في البلاد.

هذا الحراك، وفق نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد الصالحي، جاء “نتيجة تراكمات في الجزائر وحتى في المنطقة المغاربية”، على اعتبار أن “هناك تجارب وتحديات وأيضا آمالا مشتركة”.

ويستعرض الصالحي، ضمن مداخلته، كرونولوجيا الحراك خلال سنة من عمره، انطلاقا من أول خروج والذي تم استجابة لـ”نداء مجهول على مواقع التواصل الاجتماعي” وحيث تم رفع شعار “جزائر حرة ديمقراطية”، وفق قوله.

ورغم أنه يصف ما حدث يوم 22 فبراير 2019 بـ”الأعجوبة” إلا أن الحقوقي الجزائري يؤكد أن ما جرى “كان متوقعا” بعدما وصل الشعب إلى مرحلة الشعور بـ”الحكرة” و”الاستهزاء” بسبب “فرض رئيس ميت عليه”.

ويرصد المتحدث ثلاث خصائص للحراك هي، الرغبة في “القطيعة مع النظام ومع كل رموزه”، و”الوحدة الوطنية” التي عكسها خروج الشعب بمختلف أطيافه “في إطار نضال وحدوي”، بالإضافة إلى “الخيار السلمي” الذي يرى المتحدث أنه “حصن الحراك”.

اليوم، وبعد سنة على انطلاق الحراك، ومع استمرار المسيرات، يقر الصالحي بـ”عدم التمكن من تغيير النظام”، غير أنه في المقابل يؤكد “حدوث تغيير على مستوى المجتمع”، ويقول إن “هذا العام كان مفيدا جدا حيث وقع تحول اجتماعي”.

في الوقت نفسه، يبرز الحقوقي الجزائري أهمية التشبث بـ”الخيار السلمي” مردفا “اخترنا منذ البداية الطريق الأطول والأصعب وهو طريق السلمية ونحن واعون أن هذا الطريق يتطلب وقتا”.

موريتانيا.. واقع “نظري” وواقع “فعلي”

“في موريتانيا خرجت عدد من الاحتجاجات من أجل الحرية والديمقراطية خاصة في فترة الانتخابات الرئاسية”، تقول التنسيقية المغاربية، مضيفة ضمن أرضية تقديمية للندوة أن “العديد من النشطاء” في موريتانيا هم “عرضة للقمع بسبب مناهضتهم لبقايا العبودية في بلادهم”.

وبسؤاله عن واقع حقوق الإنسان في بلاده، يقول نائب رئيس الجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان، أحمد الحاج سيدي، إن هناك “واقعين” أحدهما “نظري” والآخر “فعلي”.

بالنسبة “للواقع النظري” فهو “ينطبق على كافة بلداننا حيث نجد أن الأنظمة أخذت كل الأشكال المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية”، وهو ما تعكسه، وفق المتحدث، الدساتير التي “تستند إلى المواثيق الدولية وتكرس الحق في الرأي والتعبير والتجمع وغير ذلك”.

“نحن لا نختلف عن الكثير من الدول على مستوى الواقع النظري”، يقول الحاج سيدي، قبل أن يردف مؤكدا وجود “فرق بيننا وبين الغير على مستوى الواقع الفعلي”.

كنموذج، يوضح المتحدث أن “حرية التجمع مكرسة في الدستور الموريتاني” إلا أنه “من الناحية العملية لا يمكن للجمعيات والأحزاب اليوم أن تقوم بنشاط جمعوي أو سياسي بدور ترخيص إداري”، معتبرا أن “فرض ترخيص هو في حد ذاته تقييد”.

تبعا لذلك النموذج وغيره، يخلص الحقوقي الموريتاني إلى أن “كل الحقوق موجودة في الواقع النظري”، وفي الوقت نفسه “كل القيود موجودة أيضا في الواقع الفعلي”.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق