الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ترسم صورة «سوداوية» لوضعية حقوق الإنسان في المغرب

10 ديسمبر 2019
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ترسم صورة «سوداوية» لوضعية حقوق الإنسان في المغرب

الصحافة _ وكالات

رسمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أقوى المنظمات الحقوقية المغربية وأكثرها إزعاجاً للسلطات، صورة «سوداوية» لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب، وقالت إن الجو العام لحقوق الإنسان بالمغرب موسوم بالتردي المتزايد، في كافة المجالات، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبيئية والتنموية وحقوق الفئات.

وجاء في تقرير للجمعية بمناسبة تخليدها لليوم العالمي لحقوق الإنسان الـ71، الذي يوافق 10 كانون الأول/ ديسمبر 2019، أن الدولة مستمرة في تمرير سياساتها «المملاة من المؤسسات المالية للإمبريالية العالمية»، المنتجة للفقر والحرمان، والمتجاهلة لمطالب المواطنين واحتجاجاتهم المتزايدة، المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية» وأنهت مصممة على فرض خيار المقاربة الأمنية لمواجهة احتجاجات المواطنين، ولجأت لسياسة التضييق والتشهير والمتابعات القضائية الانتقامية، في حق المدافعين عن حقوق الإنسان وبالمس الخطير بحرياتهم وحقوقهم.

متطلبات الملائمة

واعتبرت أن القوانين المغربية في مجملها لا تستجيب لمتطلبات الملائمة، وعلى رأسها الدستور المغربي، الذي تستوجب ملاءمته بأن توكل صلاحية وضعه لهيئة ممثلة فيها مختلف القوى الحية، وأن تتم المصادقة عليه عبر استفتاء ديمقراطي حر ونزيه، وأن يكون مضمونه ديمقراطياً يؤكد بالأساس على السيادة للشعب أولاً وأخيراً، وأكدت أن التعديل الدستوري 2011، حافظ على الجوهر الاستبدادي للدستور، رغم تنصيصه على عدد من الحقوق والحريات، وجعله من القضاء سلطة، ومأسسته لهيئات الحكامة، واعترافه بالهوية الأمازيغية وترسيمه للغة الأمازيغية لأول مرة.

وقالت الجمعية إن مشاريع القوانين المعروضة أمام مجلسي البرلمان للدراسة والتصويت أو التي تمت المصادقة عليها، لا تستجيب لانتظارات الحركة الحقوقية المغربية، حيث إن مشاريع عدد من القوانين كالقانون الإطار الخاص بالتربية والتكوين، وقانون الخدمة العسكرية والقانون التنظيمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وغيرها، تم عرضها على البرلمان، قبل اكتمال النقاش العمومي حولها، بإشراك كل مكونات الحركة الحقوقية المغربية، كما أنها لا تتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وجاء في تقرير الجمعية الحقوقية أنه رغم مرور ما يقارب أربعة عشرة سنة على صدور توصيات «هيئة الإنصاف والمصالحة»، فإن الدولة لم تكشف عن مصير كافة المختطفين مجهولي المصير، كما لم تحدد هوية عدد من المتوفين بتسليم رفاتهم إلى عائلاتهم وتتماطل في جبر الأضرار الفردية لعدد من ضحايا سنوات الرصاص وذوي الحقوق، وتتجاهل آلاف الملفات الموضوعة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ناهيك عن تنصلها من العديد من التوصيات موضع التنفيذ، خاصة تلك المتعلقة بالإصلاحات الدستورية والمؤسساتية والقانونية والتشريعية والإدارية والتربوية، ووضع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة الإفلات من العقاب ضماناً لعدم التكرار، والتوصيات المتعلقة بحفظ الذاكرة، والاعتذار الرسمي والعلني للدولة، والجبر الحقيقي للأضرار الجماعية للمناطق التي كانت أكثر عرضة للانتهاكات خلال العقود الماضية».

وأكدت أن الاعتقال السياسي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة ممارسات ما زالت مستمرة في المغرب، وأن المغرب رفض الاستجابة لقرارات فريق الأمم المتحدة الخاص بالاعتقال التعسفي، التي تطالبه فيها بإطلاق السراح الفوري لمجموعة من المعتقلين السياسيين وجبر أضرارهم، ولجنة مناهضة التعذيب التي تطالب الدولة بجعل حد للإفلات من العقاب في جرائم التعذيب وما زالت أعداد كبيرة من المعتقلين السياسيين في سنوات سابقة يقبعون في السجون، كما استمرت الاعتقالات والمتابعات والاستنطاقات التعسفية، التي تمس المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان؛ وضمنهم مناضلو الجمعية والصحافيون، ونشطاء الحراكات الشعبية السلمية، خاصة بالريف وغيرها من المناطق، بالإضافة إلى الداعمين لهم، وحركات المعطلين، ومعتقلي السلفية الجهادية، والنشطاء الصحراويين، والمواطنين المحتجين بشأن عدد من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالأسعار والماء والكهرباء، والأراضي السلالية، والحق في الشغل، والحق في السكن.

وقالت الجمعية إن السلطات المعنية تمعن في إبقاء معاناة المعتقلين السياسيين الذين يتم الإفراج عنهم بعد إتمامهم العقوبة، بعدم تسوية أوضاعهم المهنية أو الإدارية أو الدراسية، أو بتوفير الشروط لإعادة إدماجهم كما أن معتقلي السلفية الجهادية لم يتمتعوا بشروط وضمانات الحق في المحاكمة العادلة، وذلك من خلال متابعتها لأوضاعهم بمختلف السجون المغربية. وطالبت بإطلاق سراحهم أو إعادة محاكمتهم، اذ إن الجزء الأكبر منهم هم ضحايا اعتقالات تعسفية ومحاكمات غير عادلة.

الجمعية الحقوقية

ودعت إلى إلغاء القانون المتعلق بمحاربة الإرهاب، وتبني تعريف دقيق للإرهاب يتلاءم مع المعايير الدولية ومراجعة قانون المسطرة الجنائية لضمان حق الشخص المحتجز من الاتصال بمحام من اختياره مباشرة بعد اعتقاله وضمان منع التعذيب وسوء المعاملة؛ كما طالبت جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والقضائية بالالتزام الكامل باحترام سيادة القانون في مواجهة الإرهاب وأكدت أن تفعيل الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، وتحسين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان في المغرب وتنفيذها، وتشييد أسس دولة المواطنة الحقة، هي الكفيلة بمواجهة واجتثاث منابع الإرهاب.

وعبرت الهيئة الحقوقية عن استنكارها لعدم تحمل السلطات لمسؤولياتها، في الكشف عن حقيقة الوفيات ونتائج التحقيقات التي تزعم فتحها، والتي ذهب ضحيتها العديد من نشطاء الحركات الاحتجاجية واعتبرت أن الوفيات الناتجة عن التعذيب أو الإهمال بمراكز الاعتقال والسجن أو بالمستشفيات، أو عن طريق إطلاق الرصاص من طرف قوات الأمن دون احترام للمعايير الدولية ذات الصلة، أو تلك المتعلقة بالمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء أو أثناء المرور بمعبري سبتة ومليلية انتهاك للحق في الحياة من طرف السلطات المغربية.

وجددت مطالبتها بإلغاء أحكام الإعدام التي وصفتها بـ«العقوبة البشعة»، والتي ارتفعت وتيرتها بالمحاكم المغربية. وقالت: «إن المغرب ما زال يصر على عدم الانخراط في الدينامية العالمية حول إلغاء عقوبة الإعدام، وإن كان لم ينفذ هذه العقوبة منذ 1993» وإن امتناع المغرب باستمرار عن التصويت على توصية اللجنة الثالثة للأمم المتحدة والمتعلقة بوقف استخدام عقوبة الإعدام، مخيب للآمال.

وقال تقرير الجمعية إن عدداً من من الهيئات والتنسيقيات والائتلافات الوطنية لحقوق الإنسان تجمع كلها على استمرار الشططفي استعمال السلطة، أو ما يمكننا أن ندرجه في حكم التعذيب والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة أو الحاطة من الكرامة وإن الممارسات الخارجة عن القانون مستمرة بشكل واسع، سواء أثناء الاعتقال والاستنطاق بمراكز الشرطة والدرك أو في السجون مستندة في موقفها على تصريحات العديد من معتقلي حراكي الريف وجرادة، حيث أكدوا أثناء محاكمتهم أنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز؛ وعلى التقرير الطبي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وسجلت الجمعية حالات «التعذيب» داخل السجن في حق معتقلي «حراك الريف»، عبر إجراءات انتقامية للمندوبية العامة لإدارة للسجون في حقهم، إضافة إلى سوء المعاملة والعزل الانفرادي وحرمانهم من التواصل مع العالم الخارجي والحق في الزيارة ضدا على قواعد نيلسون مانديلا لمعاملات السجناء وهو ما دفع العديد منهم إلى الدخول في إضرابات متكررة عن الطعام. وقالت إن الأوضاع في السجون «مقلقة»، بشهادة التقارير الرسمية، والتي أجمعت على كونها لا تحترم إنسانية السجناء سواء منها المتعلقة بالإقامة حيث الاكتظاظ بسبب اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، إلى هيمنة المقاربة الأمنية، كما أن مختلف السجون عرفت خلال الفترة الأخيرة سلسلة من الإضرابات عن الطعام، نتيجة ادعاءات سجناء بتعرضهم للتعذيب والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة، خصوصاً المعتقلين السياسيين على خلفية حراك الريف والمعتقلين الصحراويين.وكشف التقرير السنوي لـ«الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» أن السلطات المغربية متمادية في الإخلال بالتزاماتها الوطنية والدولية بخصوص الحق في التجمع والتظاهر السلمي، إذ عرفت هذه السنة استمرار التدخلات العنيفة المفرطة وغير المبررة في استعمال القوة من طرف القوات العمومية في حق مجموعة من المسيرات والوقفات والتظاهرات السلمية، موضحاً أن هذه الاعتداءات التي تابعتها ووثقتها فروع الجمعية بمختلف المدن المغربية ومست هذه التدخلات العنيفة العديد من الحركات الاحتجاجية السلمية في مدن وقرى مختلفة ومنع كافة أشكال الاحتجاج بمدن الريف وأيضاً بركان وطنجة.

وأكدت الجمعية «العودة الممنهجة للإجهاز على الحق في التنظيم»، والذي سجلته التقارير الدولية الأخيرة، وذلك من خلال امتناع السلطات عن تسليم وصولات الإيداع القانونية لعدد من الجمعيات الوطنية والمحلية أو تجديد مكاتب الجمعيات المؤسسة وفق القانون، وكذا العودة للممارسات التعسفية في التضييف على العاملين في مجال حقوق الإنسان، رغم الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري لفائدة الهيئات ضحايا المنع التعسفي.

وجددت موقفها الذي عبرت عنه في مؤتمراتها من الانتهاكات المرتبطة بالنزاع حول الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو؛ والمتجسد في المطالبة بالحل الديمقراطي والسلمي للنزاع ومناهضة الحرب، وبالتعاطي الحقوقي مع كافة الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بهذا الملف أياً كان مصدرها، بما يخدم الوحدة المغاربية لشعوب المنطقة، ومن أجل السلم والديمقراطية والتنمية المستدامة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق