ادريس لشكر يخير المغاربة بين التصويت الإجباري أو دفع غرامة 500 درهم

13 سبتمبر 2019
ادريس لشكر يخير المغاربة بين التصويت الإجباري أو دفع غرامة 500 درهم

الصحافة _ وكالات

لغط كبير يحوم حول الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، بعد حديث له نشرته جريدة (لوماتان الصحراء والمغرب العربي) الاثنين. يبدى من خلاله تأييده لفرض التصويت الإجباري وتوقيع عقوبات على الذين لن يدلوا بأصواتهم خلال الانتخابات الجماعية المقبلة. لشكر قال، في حديث صحافي، إن حزبه، الذي يشهد مرحلة “إعادة بناء”، سيكون مستعدا للمواجهة حتى يعود الاتحاد “عنصرا لا محيد عنه في المعادلة السياسية”.

الملاحظة الأولية التي يرتضيها السيد لشكر للمواطنين هي التنصيص على عقوبات ” ضد الناخبين المتخلفين عن التصويت “. مواطن ضيعناه منذ القدم باعتباره غير معني بالأمور السياسية وغير ناضج، ثم بعد ذلك اعتبرناه رقما فقط ونسبة في المشاركات الانتخابية والاستحقاقات الوطنية . مواطن ثقل قفتة المعيشة المادية أربكته ودوخت حياته اليومية بلا انتخابات …

ماذا يستفيد المواطن العادي من إجبارية التصويت ؟ . الحق أقول أن المواطن المغربي لن يستفيد البتة من توجهه مكرها نحو صناديق الاقتراع أو عدمه بالذعيرة، لما هذا الإقرار الصادم بهذا الأمر ؟ ، انه نتيجة :

* الحكرة التي يعانيه عموم الشعب باعتبارهم رعية من الرعاء غير البالغين سن إبداء الرأي وتغيير مسار سياسة الوطن …

* استغلال أصوات الناخبين / المواطن عند كل جذبة انتخابية /الاستحقاقات ثم لفظه / الناخب إلى الهامش ، إلى حين تجميع طبل وغيطة الانتخابات الموالية مرة أخرى …

* اعتبار الناخب / المواطن قنطرة لاكتساح الكراسي المريحة فقط ، والالتصاق بها إلى الأبد …مع الاستفادة المطلقة من الريع السياسي…

* احتساب الناخب /المواطن رقما في المعادلة الانتخابية بصوته ، ونسبة وطنية إحصائية فقط ، دون معرفة حاجياته وتطلعاته المستقبلية لوضعية الوطن …

ومرجعية الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر في محاولته تمرير إقرار إلزامية التصويت هو نابع من بعض الديموقراطيات الغربية التي تطبق التصويت الإجباري … المقارنة طبعا بالفارق البين ولا تعنينا كمواطنين لتدوير طواحين صناديق الاستحقاقات بالمشاركة المكثفة، فحتى نرتقي إلى مصاف تلك الديمقراطيات مستقبلا في الآجال غير المعلومة لدينا الآن ” يبقى طجين الانتخابات كما هو ” . وعند استيفاء كل العناصر ثمة يجوز لنا تطبيق التصويت الإجباري والأخذ برأي السيد إدريس لشكر.

العلة التي يركن إليها السيد إدريس لشكر هي أن أرباب العمل (القطاع الخاص/ القطاع العام ) يعتبرون يوم الانتخاب يوم عمل، من أجل الحيلولة دون ذهاب العمال / الموظفين إلى صناديق الاقتراع … إنه بؤس التسويغ لعلة الإجبارية التي أصبح نداؤها يركبنا عند كل استحقاق…والحل أبسط وهو إقرار الدولة يوم الاستحقاق يوم عطلة، أو نقل يوم الاقتراع من يوم الجمعة (التي وقتها يضيق بصلاة الجمعة ) إلى يوم الأحد ، وكفى المؤمنين شر القتال الإلزامي بذعيرة مالية .

ويقترح كذلك الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فرض غرامة على هذه الفئة قدرها 500 درهم بوصف ذلك ” السبيل الوحيد لوضع حد للإمتناع عن التصويت والحد من الفساد الانتخابي” .الملاحظة التامة وكأن الكاتب الأول لا يعرف الوضعية الاقتصادية الهشة للمواطن المغربي الذي يتوجه إلى صندوق الاقتراع أو لا يتوجه إليه …لذا اقترح عليه بدل مطالبة الأحزاب للدولة بالدعم المادي لها إبان الحملات الانتخابية . تطالب هذه الأحزاب الدولة بمد كل مواطن ب ” 500 درهم” عند إدلائه بصوته مباشرة بمكتب التصويت . ووعد منا مطلقا ” بإلزامية الحضور. باكرا وعبر طوابير ” وأن المشاركة ستكون 99.99% إن شاء الله .

وقبل كتابة ملاحظاتي حول ما يدفع به لشكر من العمل المضني / النضالي مع وزارة الداخلية على التنصيص من طرفها بإلزامية التصويت، وهذا الأمر يتم بلي اليد اليمنى لوزارة الداخلية لكسب مزيدا من التنازلات منها …

استطلعت أكثر من عشر ” مواطنين/ ناخبين ” بارتجالية بسيطة / شفوية ” حول أمر الإلزامية و الغرامة ” الاتحادية ” . فكان الجواب دائما بالتهكم وبالرفض القاطع لفرض إلزامية التصويت . البعض برره بالحرية الشخصية . والآخر بمنطوق دستور 2011 وحرية التعبير … فيما كانت الأجوبة القليلة التي لم تعبر عن رأيها اللحظي وذلك بسبب أنها أصلا غير مسجلة باللوائح الانتخابية أو أن الانتخابات لا موضع تفكير عندها …

والمضحك في الأمر أن الشخص الذي لم يتهكم على الإلزامية والغرامة بالضحك أو التنكيت … حيث حمد الله عن أنه لن يدفع ذعيرة السيد لشكر 500 درهم لأنه غير مسجل أصلا في اللوائح الانتخابية ” القديمة ” ، والتي تبين بعض الإحصائيات – غير الرسمية – أنها تحمل بين طياتها أكثر من مائة ألف متوفى من المغاربة ” رحمة الله عليهم جميعا ” وامتازوا جميعهم بالحماية الربانية من غرامة لشكر …

أخاف أن ينقلب سحر الساحر على صاحبه كيف ذلك :

* ذهاب الناخبين إلى صناديق الاقتراع ومعاقبة الحزب عن إلحاحه لسن الإلزامية والغرامة .

* إمكانية خلق جبهة من المعارضة الأخرى ” الراديكالية/ الجذرية ” لنمط تدبير الانتخابات والإعلان عن المقاطعة كرأي يحترم – بضم الحرف الأول – باللعبة الديمقراطية ، وسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي أن هدد بالمقاطعة غير ما مرة أيام العز و الشباب …

* توجه الناخبين نحو حذف أسمائهم من لوائح الانتخابات بسبب أو بدونه . أو العدول عن التسجيل في اللوائح الانتخابية من طرف الواصلين سن التصويت والانتخاب …

* ركوب الناخبين معارضة المعارضة وعدم التوجه إلى الصناديق أصلا… والمحاكم الإدارية لها رأي آخر ، وحكمها يحترم باللزوم والثقة في نزاهتها …

فإذا كان حجم (بمعنى الكثافة ) الذهاب إلى مكاتب الانتخابات / الاستحقاقات يعني كسب حقيقي لرهان التعبير السياسي عند القيمين عن شأن تدبير الانتخابات بالوطن ” وزارة الداخلية ” ، والتي تكون نتائجها معبرة بالفعل عن رغبة الشعب الحرة في الدول الديمقراطية . فإن نسبة المشاركة في المغرب ما هي إلا تطبيل عن الديمقراطية الفريدة والنوعية ب ” ماركة مسجلة ” … وما هي إلا لعبة سياسية بئيسة معروفة الإفرازات النخبوية … ، مادام تحديد العتبة سلفا كما هو منصوص عليه ، ينتج لنا أغلبية بألوان طيف متنوعة المشارب ، ورموز أحزاب تتكثل من أقصى اليمين إلى منتهى اليسار لتكوين أغلبية مريحة ” عصيدة ” .

الإصلاح في رأينا، هو إصلاح تام لمنظومة الانتخابات برمتها …هو إصلاح يجب أن تمتحن فيها الأحزاب أولا ، لأن أغلبها تسقط برسوبها الايديولويجي والمذهبي عند عموم المغاربة ….فلا المرجعية التاريخية لأحزابنا الموقرة تجرنا إلى الإدلاء بأصواتنا بسلطة العقل الجمعي … ولا الوجوه ” المتجعدة ولو بتغطيتها بطلاء صالونات الرباط التجميلية ” تقنعنا بالتوجه إلى الصناديق طوعا أو كرها … ولا دكاكين الانتخابات “اللحظية ” التي تقام في كل صوب من الأحياء ، وفي كل فج عميق لتقريب عملية البيع والشراء ، والتدليس الذي يصيب أصواتنا بالإحباط . اللاءات كثيرة وتقف عندنا بالسر والعلانية، ولا تنتهي إلا بإعادة إصلاح وهيكلة :

* الأحزاب السياسية من جانب فكرها الإيديولوجي المتلاشي عبر المتغيرات الوطنية والدولية . وإنتاج برامج سياسية تحاسب عليها بالمساءلة في حالة تدبيرها للشأن العام …

* القانون الانتخابي من حيث إعادة تحديد العتبة لبروز أحزاب قوية لا شبهة فيها ، وغيرها من الأمور الضرورية نحو إقامة انتخابات في دورتين مثلا لبقاء الأصلح والتقليل من التشرذم الحزبي / و البلقنة ” السياسية ” النفعية …

* توعية المواطن / الناخب بدوره ، ويجب أن تكون العملية غير موسمية تنقضي بتمام انتخابات الدكاكين … وإنما عبر حقل مشتله غرس ثقافة المواطنة وأخلاقية العناية …

* القضاء على الفساد / الريعي الانتخابي بالقانون المفعل ، من حيث البدء أولا بالأحزاب السياسية وغربلة كوادرها من الوصوليين / النفعيين …ثم إنشاء لجنة وطنية مستقلة بالنزاهة القضائية تشرف على العمليات الانتخابية من البدء إلى النهاية …

* تشبيب الطاقات الحزبية لان الوجوه “المتجعدة /القديمة ” كرهت المواطن / الناخب في السياسة والسياسيين … ونعتقد أنه يجب أن يتم تحديد سن التقاعد كذلك حتى في العمل السياسي والنقابي …

* الانتقال من الكلام ” الشعبوي” – الذي شوه الفعل السياسي – الوضيع والحركات البهلوانية ، ولمن يجهل مقصد كلامنا ما عليه إلا بمتابعة النقل المباشر لجلسات الغرفتين ، أو عبر شرائط ” اليوتوب ” …وأن يتم الخطاب السياسي بأخلاق احترام المواطن أولا ، ثم باحترام الذات والخصم السياسي … وبدل فرض الغرامة على المواطن الذي لم يدل بصوته في الانتخابات ، تفرض ذعيرة على كل ما من شأنه إفساد الأخلاق السياسية للمواطنين المغاربة عبر النقل المباشر لمهازل نوابنا …

رحم الله الحسن الثاني عندما تحدث عن ” ولد الناس ” بدلالته اللغوية والوطنية … فالانتخابات هي عملية مغرية للسماسرة السياسيين ، وساكني مستنقع ” الخواض” كالضفادع … لذا فلا الإلزامية القانونية ستجرنا كرها إلى الصناديق للإدلاء بأصواتنا … ولا الذعيرة المالية ستفزعنا وتجعلنا نستعجل فتح أبواب أقسام الانتخابات بالطوابير الطويلة … وإنما هو مسلك الإصلاح الذي خطه الملك في آخر خطبة لعيد العرش الخامس عشر ، من عدم رضاه على الفوارق الاجتماعية بين المغاربة … وهي غضبة صريحة على سياسيي الريع الانتخابي كذلك … فالإصلاح الذي يستوطننا مقاربته شمولية لا بإصلاح ما أفسده عطار الحزب بإلزامية التصويت … فلا ، لأي إصلاح انتخابي لا يضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات ، لا…ثم ألف لا…

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق