إعتماد اللغة الإنجليزية بالجامعات الجزائرية.. مواكبة للتطور أم إنتقام من لغة المستعمر

12 يوليو 2019
إعتماد اللغة الإنجليزية بالجامعات الجزائرية.. مواكبة للتطور أم إنتقام من لغة المستعمر

الصٌَحافة _ عبد الغني الموساوي

تغيير اللغة الفرنسية بالجامعات الجزائرية بالإنجليزية و إعتمادها كلغة أجنبية أولى بالجزائر ، أهو مواكبة للتطور الحاصل بالعالم أم هو إنتقام صارخ و محاولة لمحو كل ما يتعلق بالإستعمار الفرنسي و جل ما خلفه وراءه .. في سابقة هي الأولى من نوعها ، إعتزمت السلطات الجزائرية عن إطلاق إستفتاء إلكتروني عن إستبدال لغة التدريس والمناهج الجامعية من اللغة الفرنسية إلى اللغة الإنجليزية جاء هذا عقب تواجد السفير الأمريكي جون ديروشر رفقة وزير التعليم العالي بالجزائر و بعد توقيعهم على 8 اتفاقيات في مجالات تبادل المعلومات والخبرات ورفع مستوى الموارد البشرية.

شهدت الندوة حضور العديد من الطلبة الجامعيين و من مختلف التخصصات ، حيث ألح الطلبة بشدة خلال الندوة و طالبوا بتغيير اللغة الفرنسية و إعتماد اللغة الإنجليزية كلغة تدرس و تعتمد في المناهج الجامعية الجزائرية..

أثارت هذه النقطة جدلا واسعا ، إلى أن رد وزير التعليم العالي و صرح بقوله : أنالقرار النهائي يبقى في يد غالبية الأكاديميات الجزائرية، داخل البلاد وخارجها، وسيتم نشر استطلاع حول هذا الموضوع عبر الإنترنت قريباً… و مع الحراك الذي تشهده الجزائر منذ فيفري 2019 ، جاء هذا التصريح داعما لمطالب الشعب و صرخاته المتكررة بالتغيير الجذري و بناء جزائر شعبية ديمقراطية جديدة و محو كل ما خلفته أياد المستبد ..

حيث حمل الجزائريون و منذ بداية الحراك لافتات و رايات تدعو إلى ما سموه “إنهاء الوصاية الثقافية الفرنسية بالجزائر” كرد على تعليقات المسؤولين الفرنسيين على الأزمة السياسية بالجزائر و إخراص الأفواه

.. و يعتبر الجزائريون عدم إعتماد اللغة الفرنسية إستقلالا ثقافيا عن فرنسا و خلاصا من الهيمنة التي فرضت عليهم قبل و حتى بعد الإستقلال .. وقد قوبل تصريح الوزير بموجة ترحيب واسعة من قبل الجزائريين خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما وأنه تزامن مع حملة إلكترونية قادها نشطاء منهم أكادميون و طلبة و مثقفون جزائريون منذ نهاية العام الفارط تحت عنوان “اتركوها تسقط”، تدعو إلى “طرد اللغة الفرنسية و مقاطعتها بالمؤسسات و الأوراق الرسمية..بإعتبارها سببا وجيها في تخلفنا و تأخرنا عن الركب الحضاري..

اللغة التعجيزية كما يطلق عليها البعض كانت و لازالت سببا في الإنحطاط و المستوى الذي آلت إليه الجامعات الجزائرية ، فمنذ الإستقلال سنة 1962 و الجزائر تعتمد هذه اللغة في مدارسها وجامعاتها، وإداراتها العمومية في حين شهدت الأخيرة تراجعا كبيرا في الترتيب العالمي بعد أن إحتلت المرتبة التاسعة بعد الإنجليزية و العربية و الاسبانية و غيرها من اللغات الحية الأخرى .. وفي تقرير اخير لموسوعة سويدية أظهرت أن عدد المتحدثين باللغة الفرنسية في العالم بلغ 300 مليون شخص، بينهم 13 مليونا و800 ألف جزائري، أي ما نسبته 33% من الجزائريين يتحدثون الفرنسية في حياتهم اليومية. و هذا يجعلنا محتارين أمام هذه الأرقام ..

سياسات و مناهج إستعمارية نجحت فرنسا بتطبيقها عن طريق زراعة بذور لها بالجزائر لخدمتها و إحياء لغة تكاد تموت بمهدها لقد أصبحت اللغة الفرنسية و عبر كل أنحاء العالم محدودة ومحصورة ، بل مهجورة حتى بموطنها الأصلي ، ففي الآونة الأخيرة سارعت فرنسا بإجراء تعديلات على مناهجها التعليمية و كل ذلك للالتحاق بلغة العلم والبحث “اللغة الإنجليزية” والتي يتداولها أكبر عدد من السكان حول العالم لقد غدت اللغة الإنجليزية مطلبا شعبيا أساسيا ، فمطالبة الشعب الجزائري بالحراك و إلحاح الطلبة على إدراجها بالندوة و إعتمادها بالجامعات الجزائرية هو خير دليل على إنفتاح و تحضر المجتمع و معرفته الحقيقية لما يحتاجه لبناء دولة أساسها العلم و رايتها التفوق و الإزدهار .. لهذا فقد جاء تصريح وزير التعليم العالي الجزائري بوقته مواكبا لمطالب المجتمع الجزائري ..

وفتح مجال للنخبة الجزائرية لتشيد جزائر جديدة حرة مستقلة تنتمي إلى شعبها و قرارات مجتمعها ..جزائر بعيدا عن السياسات الفرنسية و لغتها التي فرضت على شعبها طوال 57 سنة .. و يبقى السؤال مطروحا هل ستسقط اللغة الفرنسية حقا بعد سقوط رعايا الفساد بالجزائر .. و هل سيجد المجتمع الجزائري ضالته أخيرا ويكون حرا في إتخاذ قراراته و تحديد خياراته وفق لما ينفعه و يساهم في دفع عجلة التقدم نحو الأمام و بناء وطن وفقا لرؤية شعبه

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق